سكينة بعد الرماد .. الأديبة زينب علي درويش
فتحى السايح
مدّت يديها لتمسك قطعة خشب، وتخط بها على تلك الأرض الرمادية طريقًا للهروب. رفعت رأسها طالبة النجاة، وسارت بخطوات ثابتة، قوية، متلاحقة، ونبضات قلبها تعززها على ما أقدمت نحوه… حتى حان الوقت.
خرجت من فوهة البركان الغاضبة تلتقط أنفاسها.
لم يلحظها كائن من الأرض السوداء المحترقة.
كانت هاربة من نارٍ مشتعلة،
أو موتٍ محتوم،
من ضيق الحلق،
ومن قبضةٍ قاهرة،
ومن لحظةٍ حاسمة،
أو ساعة حساب،
أو عذابٍ محتوم،
أو خوفٍ هالك،
أو جزاءٍ مؤكد،
أو ظلامٍ خانق.
وقبل أن ترحل، نظرت بعيون مرتجفة إلى المكان لآخر مرة، وكأنها تودعه بلا رغبة في العودة. ثم حاولت أن تخط بأصابعها المرتجفة:
"سأذهب بلا عودة… إنه يوم مولدي الجديد."
هربت إلى نور الدنيا الواسعة.
جسدها يتلذذ ببرودة نسيم الجنة الذي محا جروحها الساخنة الملتهبة.
باتت الآن كصفحة ماء باردة؛ الهواء البارد يغسل صدرها بالطمأنينة.
نادت بصوتٍ عالٍ:
"أقف على الأرض الصلبة بلا ألم!
أرى بعيوني المعافاة من حجاب الليل الطويل السماء بوضوح… وكأني أملكها بين أصابعي. زرقتها مفتاح باب نجاتي."
وفي النهاية…
وصلت.
وصلت إلى ما كنت أتمنى أن أصل إليه.