يقول بوروخا كوسيمبا – أستاذ الأنثروبولوجيا بالجامعة الأمريكية عن نشأة العملات " في بعض الأحيان تصادفك ورقة نقدية مستهلكة ، تبدو وكأنها تتداول منذ بدارية التاريخ ويعود استخدام البشر للعملات النقدية لزمن بعيد – نحو أربعين ألف سنة " ويحتاج الناس العملة كون أن للمال العديد من الوظائف فيسهل التبادل التجاى كمقياس للقيمة ويجمع المجتمعات المختلفة معا من خلال تمكين تقديم الهدايا والمعاملة بالمثل ؛ وهو يديم الاجتماعية وهو وسيلة لإحكام سلطة الدولة وتظهر الصعوبة في تحديد بدقة معرفة أول التفاعلات التي استخدمت فيها العملة من أنواع مختلفة ولكن تشير الأدلة إلى أنها نشأت عن تبادل الهدايا وتسديد الديون وتعنى العملة العالمية أنها عمله نقدية مقبولة ومستخدمة في كل مكان والتي يجب أن تأتى نتيجة اتفاقيات تعقد بين مختلف الحكومات في العالم لاستخدام نظام مالى موحد يمكن القول أنها عملة إلزامية لكل دول العالم ومما لاشك فيه أن فكرة العملة العالمية قد تعززت كثيرا إثر النجاح الذى حققه اليورو وهذا في حد ذاته يبدو حلما صعبا صعب المنال على أرض الواقع لانه يستدعى تأسيس اتحاد نقدي عالمي يكون قادرا على حل الأزمات المرتبطة بلا شك بالعملات ووقف حدة الصراعات وتجنب الكثير من المخاطر الاقتصادية ليس هذا فحسب بل ستتحمل هذه المنطقة الدولية مسؤولية الإلتزام بالقواعد ومعالجة أي مشاكل قائمة أو وليدة فيما يتعلق بطريقة التعامل مع العملات وذلك بهدف تمكين التجارة العالمية وتقيم النظام الضريبى في الدول المختلفة ويلقى الدولار بظلاله على العالم كونه عملة عالمية بالفعل وبلغته الإنجليزية فهو مستخدم على نطاق واسع والكثير مجبر على استخدامه واستخدام لغته ولكن هم الذين اختاروا بأنفسهم حياتهم وعملاتهم ولغتهم حيث جعلوه ضروري في يحاتهم لكن استخدامه ليس إجبارا بعكس اليورو الذى يعد العملة الرسمية لاعضاء الاتحاد الأوروبى حيث حل محل العملات المحلية المستخدمة في تلك الدول اما الدولار فهو مستخدم من قبل العديد من الدول التي تفتفظ باحتياطي منه نظرا لأن قيمة عملاتها مرتبطة به والسبب في تحول الدولار الأمريكي إلى معيار صلاف العملات الأجنبية أن معظم دول العالم فيما مضى اعتمدوا على الذهب كمعيار لصرف العملات إذ يتم ربط العملات الأجنبية بقيمة الذهب إلا أن هذا النظام لم يعد مناسبا للتجارة الدولية مع مرور الزمن مما دفع عددا من الحكومات إلى التوصل في نهاية المطاف لعقد اتفاقية بريتون سنة 1944 والتي مهدت الطريق لأن يصبح الدولار الأمريكي معيارا لتحديد قيمة عملة البلد وهذا سمح للدول التي كانت أطرافا في الأتفاقية بدعم عملائها بالدولار بدلا من الذهب وهنا نجد أن الدولار الأمريكي ليس عملة عالمية وإنما عملة شائعة الإستخدام عالميا تعمل كأساس لتحد أسعار صرف العملات الأجنبية وحتى يصبح عملة عالمية يجب أن يتم استخدامه من قبل كل دول اعالم أو على وجه التحديد أغلبها وان يحل محل العملات المحلية في تلك الدول فلا يبقى هناك حاجة لتحديد أسعار صرف العملات الأجنبية أو لتحويلها إلى ذهب وقد اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ، أن القمة المقبلة لمجموعة دول بريكس التي ستعقد في نهاية أغسطس ستناقش إنشاء عملة موحدة لدول المجموعة ( البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا ) . وفى تصريح له عقب محادثاته التي أجراها مع الرئيس الأنجولي جواو لورنسو في لوندا هذا هو الأتجاه الذى تسير فيه المبادرات والتي ظهرت قبل أيام ويأتي من بعيد الحلم العربى الذي طاله انتظاره ولكنه حلم مشروع يحق لنا كعرب مهما طال الأمد يتمناه كل فرد في الشعوب العربية وتسعى له وتحاول الحكومات ولكن تبقى بينهم عقبة الخلافات والاختلافات في الأتجاهات السياسية لكل دولة ، والعملة العربية محل الحلم لها تميزها الخاص من منطلق تاريخها المجيد والمديد والذى مهد لها سهولة التوحيث حيث اهتم علماء المسلمين في وظيفة النقود مثلا فيقول الغزالي ( حجة الإسلام محمد الطوسي ) في كتابه إحياء الدين الجزء الرابع ص 91 " إن الله تعالى خلق الدراهم والدنانير حاكمين بين سائر الأموال حتى تقدر بهما الأموال " وقد أرخ القران الكريم للنقود باعتبارها أداة للتبادل وشخص ماهيتها بقوله تعالى ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) إذن الدراهم وحدة نقدية لها صفة التبادل وأشير إليها في كيفية التعامل بها على أساس العدد وقد أشار القرأن إلى لفظة الدينار في دلالة بأنه أكبر من الدرهم حيث قوله تعالى : ( ومن أهم الكتاب من إن تــامنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما) ويتدرج بنا القرآن الكريم إلى ما يهم البشر في تبادل الصفقات بينهم فيذكر لنا على أساس التصريح وليس التلميح أن هذه العملات النقدية ( الدرهم والدينار ) لابد ان يكون لهما مكون أصلى ، فأشار إلى الذهب والفضة فيترتب على ذلك أن يكون الدينار مرجعه إلى الفضة ، وفصلت كتب الفقه القيم المختلفة للدينار والدرهم في باب العبادات والمعاملات المالية وبينوا أن الذهب والفضة غطاءين نقديين يبعثان على الثقة وطمأنة المتعاملين وهو صلب النظريات الحديثة لمعنى الإحتياطي النقدي واكد القرآن الكريم على أهمية الذهب والفضة من حيث الوظيفة النقدية التبادلية فنجد في الآيتين الكريمتين قوله تعالى ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ) ويخبرنا أن التاريخ أن العملة العربية كان لها واقع من التوحيد بصورته الفاعلة تم في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان حيث أسس دار لسك العملة الموحدة وكان ذلك العام السادس والسبعين من العام الهجري خالية من الرموز الأجنبية التي كانت سائدة في ذلك الوقت وسماها دراهم وهي من الفضة وجعل على أحد وجهيها سورة الإخلاص " سورة التوحيد " وكانت تزن ستة دوانق والدانق سدس الدرهم وهي لفظة فارسية ( وردت في القاموس المحيط للفيروزبادي – باب القاف – فصل الدال ) وظلت هذه العملة طيلة العهد الأموي وبداية العهد العباسي إلا أن هذا العهد أبدل بسورة الإخلاص سورا أخرى ( قل لا أسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) واستمرت العملة الموحدة في العهد العثماني ولكن أبدلت بعملة ورقية وكانت تسمى " القائمة " وتداولت لمدة ثلاثة وعشرون عاما وتعرضت لهزات في الثقة ثم عاد العمل بها ؛علينا أن نستلهم الهمم في تعضيد التكامل الاقتصادي بين الشعوب العربية التي تعانى من الوهن في مسيرتها الاقتصادية رغم المقومات التي يملكها العرب لتوحيد عملتها على غر ار الإتحاد الأوروبى الذى أدرك هيمنة الدولار فأبدل بتلك الهيمنة اليورو الذى تخطى العقبات وأحرز مكانة عالية للعملة الأوروبية الموحدة .