د.فوزي يونس

اليوم العالمي للتنوع البيولوجي: نحو انسجام مع الطبيعة وتحقيق الأمن الغذائي

الخميس 22 مايو 2025 -10:16
"
بداية يجب الاشارة الي انه يتم الاحتفال بـ اليوم العالمي للتنوع البيولوجي في 22 مايو من كل عام بهدف زيادة الوعي بأهمية التنوع البيولوجي كمحرك أساسي لحياة الإنسان واستدامة الكوكب. ويأتي الاحتفال هذا العام تحت شعار "كونوا جزءًا من خطة التنوع البيولوجي" في إطار تنفيذ الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد 2020 الذي اعتمدته الدول الأعضاء في اتفاقية التنوع البيولوجي في مؤتمر COP15.


** التاريخ والسياق الدولي

تعود خلفية هذا اليوم إلى اعتماد اتفاقية التنوع البيولوجي في 22 مايو 1992 خلال قمة الأرض في ريو دي جانيرو والتي أصبحت إحدى أهم الاتفاقيات الدولية الثلاث (إلى جانب اتفاقيتي التغير المناخي والتصحر اتفاقيات ريو الثلاثة). أقرّت الأمم المتحدة هذا اليوم للاحتفال بالتنوع البيولوجي والاعتراف بأهميته في دعم الحياة والاقتصادات والمجتمعات.


** الانسجام مع الطبيعة: آلية حيوية لاستدامة الحياة

الانسجام مع الطبيعة لا يعني فقط حماية الأنواع والموائل بل يتطلب نهجًا شاملًا يعيد تشكيل علاقتنا مع البيئة من خلال:

* الزراعة المستدامة التي تحافظ على خصوبة التربة وتنوع المحاصيل.

* استخدام الموارد الطبيعية بعقلانية مع تقليل الهدر والتلوث.

* استعادة النظم البيئية المتدهورة مثل الأراضي الرطبة والغابات والشعاب المرجانية.

* دمج التنوع البيولوجي في السياسات التنموية عبر مختلف القطاعات كالسياحة والطاقة والصناعة.


** التنوع البيولوجي والأمن الغذائي

يمثل التنوع البيولوجي حجر الأساس للأمن الغذائي العالمي:

* تنوع المحاصيل يمنح القدرة على مقاومة الأمراض وتغير المناخ.

* الموارد الوراثية توفر إمكانيات كبيرة للبحث والتطوير في مجالات الغذاء والدواء.

* التلقيح الطبيعي من الحشرات والطيور يساهم في إنتاج أكثر من 75% من المحاصيل الغذائية العالمية.

* النظم البيئية الصحية تحافظ على دورة المياه وجودة التربة مما يضمن إنتاجا زراعيا مستداما.


* إن تآكل التنوع البيولوجي يؤدي إلى انهيار هذه الخدمات الحيوية ويُعرّض المجتمعات لخطر المجاعات والأمراض.


** دور التنوع البيولوجي في تعزيز أهداف التنمية المستدامة (SDGs)

الاستثمار في التنوع البيولوجي يساهم بشكل مباشر في تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة ومنها:

الهدف 2: القضاء على الجوع (من خلال الزراعة المستدامة).

الهدف 13: العمل المناخي (عبر زيادة قدرة النظم البيئية على امتصاص الكربون).

الهدف 14 و15: حفظ الحياة تحت الماء وعلى اليابسة.

الهدف 1 و8: القضاء على الفقر وتعزيز النمو الاقتصادي (من خلال الاقتصاد الأخضر القائم على الطبيعة).

الهدف 6 و12: المياه النظيفة والإنتاج والاستهلاك المستدامين.


أمثلة على تطبيقات محلية وإقليمية ودولية

محليا (في الدول العربية والأفريقية):

مبادرات لإعادة تأهيل غابات المانجروف في مصر والمغرب وموريتانيا.

برامج الحفظ الزراعي في الواحات والمناطق الجافة باستخدام تقنيات الزراعة البيئية والزراعة الذكية مناخيا والمنخفضة الكربون.


إقليميا (عربيا وأفريقيا):

* مشاريع الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية العابرة للحدود مثل مشروع "الساحل الأخضر" و"السور الأخضر العظيم".

* التحالفات البيئية العربية والأفريقية لتعزيز الحوكمة البيئية المشتركة.


دوليا:

* جهود الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد 2020.

* آليات تمويل الطبيعة (مثل مبادرة "التنوع البيولوجي مقابل التنمية") التي تدعم الدول النامية في حماية مواردها الطبيعية.


وفي الختام يمكننا القول بأن الاحتفال باليوم العالمي للتنوع البيولوجي ليس مجرد مناسبة بيئية بل دعوة عالمية لإعادة صياغة العلاقة بين الإنسان والطبيعة بما يضمن الأمن الغذائي ويحقق العدالة المناخية ويقودنا نحو تنمية شاملة مستدامة.
إن التنمية الحقيقية تبدأ من احترام الطبيعة والتنوع البيولوجي هو مفتاح هذا الطريق.
Description: D:\ce8f6482-2fcb-40a8-8933-e120dacc6660.jfifDescription: D:\e6805ac7-19e1-4803-9ef1-64eabd377597.jfifDescription: D:\4c3e1f85-8023-4b73-b4e4-528a4564574c.jfif

Description: D:\6754fddf-b605-44a2-9a53-290c9b691c24.jfif