تعد شبه جزيرة سيناء البقعة الأغلى على قلب كل مصري ، وفي وجدان كل مسلم وعربي ، فهي الأرض التي تجلى الله عزوجل عليها دون جميع بقاع الأرض ، وهي ميدان البطولات ، ومسرح الانتصارات ، وهي بوابة مصر الشرقية ، وبؤرة اتصالها بالعالم الخارجي.
وتمثّل سيناء الجزء الآسيوي من جمهورية مصر العربية ، وتشغل مساحتها ستة بالمائة من مساحة مصر، وتنقسم إدارياً إلى محافظتين هما شمال سيناء وجنوب سيناء.
وتضمّ سيناء العديد من المناطق ذات الأهمية التاريخية كجبل موسى، وجبل القديسة كاترين، ودير القديسة كاترين الذي يضمّ آلاف المخطوطات الأثرية.
وسيناء لها عمق تاريخي ضارب في جذور التاريخ، كما تدل على ذلك الآثار المكتشفة فيها؛ فقد تمّ اكتشاف حصنٍ أنشأه الملك سيتي الأول في منطقة قطية في العصرالفرعوني ، وفي العصور اليونانية والرومانية استمرّت سيناء في لعبِ دورٍ مهم في العلاقات التجارية مع المدن القريبة، وأشهرها مدينة البتراء الأردنية، التي كانت مركزاً للحضارة النبطية.
ثم كان أن دخل الإسلام إلى مصر عبر شبه جزيرة سيناء، وتشجّعت بعض القبائل البدويّة العربية على النزوح والاستقرار في سيناء، مما أدى إلى انتشار الإسلام بين سكّانها مع مرور الزمن.
وسيناء أرض التجلي ، فقد ثبت في القرآن الكريم دك الجبل الذي تجلى الله عزوجل عليه في سيناء. يقول تعالى: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) {الأعراف: ١٤٣}، ومعنى دكا أنه صار مستويا مع وجه الأرض كما نقله ابن حجر عن أبي عبيدة.
وكثير من أهل العلم على أن جبل التجلي هو المعروف بجبل الطور أو بطور سيناء،
وهو يوجد في مدينة سانت كاترين جنوب سيناء. ويعرف بجبل الطور أو جبل التجلي أو الجبل المدكوك ذلك الجبل الذي تجلي فيه رب العزة على نبي الله موسي عليه السلام، وهو البقعة الوحيدة في العالم التي تجلي فيها الله عزوجل كما يطلق عليها أيضاً أرض المناجاة .
فإن قيل كيف نجمع بين دك الجبل الذي يستلزم مساواته بالأرض وبين بقائه إلى الآن قائما ؟ فالجواب أن الله تعالى أعاد الجبل مكانه بعد دكه.
وقد ذكر بعض المعاصرين أن الطور دُكّ حتى ساخ في الأرض ثم رفعه الله على بني إسرائيل بعد ذلك كما قال: (وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ...) ، ثم أعاده الله تعالى إلى موضعه.
وقيل : إن جبل الطور قد دُك في الأرض مرة ثم رفع من الأرض مرة أخرى بعد ذلك فجعله الله معلقا بين السماء والأرض كأنه ظلة فوق بني إسرائيل، ثم رجع إلى مكانه بعد ذلك، وعليه حُمل قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾
[ سورة الأعراف: ١٧١ ]والله تعالى أعلم بالصواب.
وسيناء هى أرض البطولات، ومسرح الأمجاد ، وميدان التضحيات ، إنها الأرض التي رويت بدماء الشهداء، هكذا شاء لها القدر، فرسمت الجغرافيا أدوارها الاستثنائية التى شهد لها التاريخ.
فهي تطل بها على بحرين وخليجين ، وتربط بين قارتين ، وتستقر فى قلب الإقليم العربى، و قد شهد التاريخ على معاركها الطويلة الممتدة عبر العصور.
رُويت أرض سيناء بدماء التضحيات عبر العصور، فى كل شبرٍ منها بصمة قدم لشهيد مات دون أن يترك سلاحه، أو حكاية لبطل بين حكايات أبطال كثيرة لم يخرج أغلبها إلى النور.
وسيبقى يوم السادس من أكتوبر، العاشر من رمضان مصدر مجد ،وفخر يحيط بالمصريين على مر التاريخ، ووسامًا على صدر كل عربى، وشفيعًا للشهداء الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل الدفاع عن الوطن، وترابه ومقدساته ، وفي سبيل الحرية والكرامة لمن بعدهم من الأجيال المتعاقبة.
حفظ الله سيناء الحبيبة، ووقاها كن كيد الكائدين، ومكر الماكرين.
د.عصمت رضوان
.