منذ سنوات قليلة، وما أن انتشرت وسائل التواصل الاجتماعى وواصلت طغيانها على حياتنا الاجتماعية، ظهرت العديد من المراكز وكانتينات بير السلم لتعرض خدماتها فى منح مايسمى بالدكتواره العملية والماجستير المصغر والعديد من المسميات فى مقابل مبلغ من المال قل أو كثر حسب كل مركز وقدرتة على التدليس والنصب.
والأغرب أن تلك المراكز تدعى أن هذه الشهادات العبثية تمنحها جامعات أوربية وأمريكية تحت مسميات عديدة، حتى أن هذه المراكز انتشرت كانتشار النار فى الهشيم تحت بصر وسمع كل الأجهزة الرقابية والأمنية،
وما ساهم فى انتشارها
هو عدم مبالاة هذه الأجهزة بتلك الحالة المرضية التى وإن عبرت عن شئ فهى تعبر عما وصل إليه حال البحث العلمى من تدن على كافة الأصعدة.
وأصبح أسبوعا او أسبوعين كافيين لدى تلك المراكز لمنح الراغبين تلك الشهادة المزعومة، ولنرى ونشاهد هؤلاء الواهمين الإعلان عن فتحهم العظيم بالحصول على درجة الدكتوراه المزعومة.
وفى المقابل نرى الباحثين الحقيقيين يعانون الأمرين
للحصول على تلك الدرجة العلمية المرموقة، سنون تتلوها سنون من الجهد والعرق ما بين مراجع غير متوفرة ومشرف متعنت والكثير من المعوقات التى تحتاج للتعامل معها صبر أيوب، هذا بالإضافة إلى مرحلة ما قبل التسجيل للرسالة من بحث وإعداد وبعدها معاناة الحصول على موافقة أحد المشرفين.
رحلة صعبة ومضنية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى
، ومن هؤلاء الباحثين من يكمل حتى النهاية ومنهم من تعجزه السبل عن استكمال المسيرة،
الأمر الذى شجع تلك المراكز الوهمية على الانتشار والرواج بين أنصاف المتعلمين، ممن لديهم القدرة على شراء اى شئ مقابل الوجاهة الاجتماعية والسعى وراء المظهر، ولقب دكتور حتى لو كان هذا اللقب مزيف الهوية يفتقد إلى أدنى معايير البحث العلمي والخلفي.
حتى وصل الأمر إلى بجاحة الحاصلين على تلك الشهادات العبثية بأنهم يستخدمونها كشهادات رسمية معترف بها ويقدمونها كمسوغات تعيين أو فى ال cv الخاص بهم.
الأمر الذى يوجب على الدولة بكل أجهزتها محاربة هذه الظاهرة وتقديم القائمين عليها للمحاكمة الجنائية لما تشكله تلك المراكز من خطورة اجتماعية وأضرار للسلم الاجتماعى ومبدأ تكافؤ الفرص أمام الوظائف العامة.
وأول خطوات محاربة تلك المراكز ضرورة بحث مصداقية ورسمية تلك الشهادات التى تقدم بها اى مسئول سواء إلى الحكومة أو القطاع الخاص ليتم عزله من الوظيفة إذا ثبت عدم صحة شهادة الدكتوراه أو الماجستير الذى قدمه من ضمن مسوغات تعيينه.
الأمر أصبح جد خطير ومثير للدهشة والاشمئزاز، فلابد من إغلاق تلك الأبواب الخلفية والوهمية والضرب بيد من حديد على رؤس القائمين عليها، ومن ناحية أخرى تهيئه المناخ المناسب لطلاب البحث العلمى الحقيقيين وتوفير كل الوسائل الممكنة لتحقيق طموح هؤلاء الطلاب وعدم تركهم فريسة لليأس والإحباط وتحكم بل وتعنت بعض المشرفين من أساتذة الجامعات مع الباحثين، وعلى الدولة أن تولى اهتماما أكبر بالبحث العلمى من توفير المعامل والمواد البحثية والمراجع العلمية العالمية، وياليت لو وفرنا للباحث منحة تفرغ مناسبة حتى الانتهاء من الرسالة، وإلا أصبح العلم "يكال بالبتنجان"، وياليت قومي يدركون حجم الكارثة.