جانب من المؤتمر
امير العسيري
شهدت جامعة المنيا، اليوم الاثنين، المائدة المستديرة الأولى بعنوان "طه حسين.. العبور بالبصيرة"، ضمن فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته السادسة والثلاثين، "دورة الكاتب الكبير جمال الغيطاني"، المقامة برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، واللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، وتنظمها الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، تحت عنوان "أدب الانتصار والأمن الثقافي.. خمسون عاما من العبور"، برئاسة الفنان الدكتور أحمد نوار، والأمين العام للمؤتمر الشاعر ياسر خليل.
أدار فعاليات المائدة المستديرة د. مصطفى بيومي، وشارك بها كل من د. حافظ المغربي، د. هدى عطية، د. زينب فرغلي، د. جعفر حمدي.
وتحدث د. مصطفى بيومي في بداية حديثه عن العمى الذي أصيب به الأديب الراحل، مشيرا إلى أن علماء الاجتماع قسموه إلى قسمين الأول شخصي وهو أن يدرك الشخص الفاقد لحاسة البصر أنه مستطيع بغيره وليس بنفسه، والثاني اجتماعي وفيه يحدد المجتمع دورا معينا للشخص لا يمكن التجاوز عنه.
كما أوضح مفهوم العبور بالبصيرة، وكيف استطاع طه حسين أن يعبر بالفكر المصري من التقليد إلى الانفتاح والابتكار، متكئا على فكرة البصيرة ومناهضا لفكرة العمى الشخصي والتمرد عليها.
وفي حديثه تطرق د. حافظ المغربي إلى "فن الإبيجرام" الذي كان طه حسين رائدا من رواده على مستوى التطبيق.
وأضاف "المغربي" أن الأديب الراحل يعد أول من كتب عن هذا الفن نثرا بعد أن كان يكتب شعرا، وذلك بأسلوب لا يصل لدرجة الغموض الشفيف، ولا هو من الابتذال والبساطة المسفة، كما جاء في كتاب "جنة الشوك" الذى تناول هذا الفن، موضحا كيف تطور بعد ذلك إلى مسميات ومصطلحات عدة، منها القصة القصيرة جدا، والومضة.
واختتم حديثه موضحا مفهوم الهجاء وكيف ارتبط هذا الفن القديم بالأشخاص، وكيف انتقل طه حسين بمفهوم الهجاء من الأشخاص إلى طبيعة العصر الذي نعيش فيه.
من ناحيتها تحدثت د. هدى عطية عن حياة عميد الأدب العربي، صاحب التربية والإصلاح الاجتماعي وكيف كان مجاهدا فى عالم البصيرة كونها دربا من دروب الجهاد.
كما أشارت إلى الفرق اللغوي بين البصر والبصيرة، وكيف يضع أصحاب البصيرة العالم بين قوسين ثم يعيدون النظر إليه بطريقة مباشرة كونهم لا يعتبرون هذا العالم والحياة نهائية.
وتساءلت لماذا يُكتب عن طه حسين كل عام في ذكراه وصولا إلى الذكرى 51، هل هي مجرد النظرة للقديم، ومحاولة لقراءة طه حسين بزاوية جديدة، أين بصيرته التي نتحدث عنها، فالبصيرة ليست في مقاومة عمى الذات، ولكن البصيرة لديه كانت في مقاومته للعمى الجمعي، مؤكدة في ختام حديثها أننا بحاجة إلى طه حسين جديد يضئ هذه اللحظة الحاضرة.
بدورها تحدثت د. زينب فرغلي عن كتاب "مستقبل الثقافة فى مصر" الذى كتبه طه حسين منذ أكثر من مائة عام طارحا بعض القضايا والاشكاليات التى مازالت إلى يومنا هذا.
كما أكدت ضرورة أن تشارك الدولة في صنع الثقافة لدى الجماهير، لمواجهة الانحطاط الموجود في كثير من المنظمات، فلا ثقافة بدون تعليم وبدون تدخل دولة، كما أن المثقف لا يمكنه أن يغير مجتمع بمفرده.
أما د. جعفر حمدي فتطرق بالحديث عن مجلة "الكاتب المصري" التي تولى طه حسين رئاسة تحريرها، وصدر عددها الأول في أكتوبر ١٩٤٥ على فكر استشراقي، من خلال فتح المجال لكل التيارات الأدبية الثقافية والتعاون مع كبار الأدباء الأوروبين والأمريكيين لنشر مقالات وقصص تنشر بالعربية لأول مرة قبل أن تنشر بلغتها الأصلية، بالإضافة إلى الاستعانة بالموضوعات المتنوعة التي تناولت الفلسفة الوجودية، وكتب داروين ونظريته عن أصل الأنواع، وفلسفة الفن وتطور الأدب الأمريكي، وغيرها.
واختتمت الفعاليات بفتح باب المداخلات، وتحدث الكاتب الصحفي الكبير يسرى السيد عن إسهامات طه حسين في العملية التعليمية خلال فترة عمله كأستاذ جامعي، مشيرا إلى ضرورة أن تكون المقررات الدراسية قائمة على أن يتعلم الطالب كيف يفكر.
فيما تحدث الكاتب محمد السيد عيد، عن وجود أوجه كثيرة لانتقاد طه حسين، منها منهج الشك الذي تبناه تأثرا بديكارت، موضحا علاقته ببعض الكتّاب كأحمد أمين وغيره.
"المؤتمر العام لأدباء مصر بالمنيا" يقام بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية، برئاسة الشاعر د. مسعود شومان، وينفذ من خلال الإدارة العامة للثقافة العامة، برئاسة الشاعر عبده الزراع، وإدارة المؤتمرات وأندية الأدب، برئاسة الشاعر وليد فؤاد، بالتعاون مع إقليم وسط الصعيد الثقافي، برئاسة ضياء مكاوي، وفرع ثقافة المنيا برئاسة رحاب توفيق.
ويشهد المؤتمر طوال فترة إقامته عددا من الجلسات البحثية، والموائد المستديرة، بجانب الأمسيات الشعرية والقصصية ومعارض الكتب والحرف والفنون، وندوات ثقافية، بمشاركة عدد كبير من الأدباء والباحثين والنقاد والإعلاميين ونخبة من الشخصيات العامة بالإضافة إلى ممثلي أندية الأدب والأمانة العامة، وتستمر فعالياته حتى ٢٧ نوڤمبر الحالي.