سعيد ابراهيم

الذهنية التر ا مبية ...؟!

الأحد 17 نوفمبر 2024 -08:42

فى لقاء عام 1980 وصف ترامب الذى كان عمره أربعة وثلاثون عاما فى ذلك التوقيت السياسة بأنها " عالم وضيع للغاية " قائلا إن " الأشخاص أصحاب القدرات المميزة يختارون عالم المال والأعمال " رغم أنه ليس له رصيد سياسى إلا أنه بات أغنى من يصل إلى الرئاسة الأمريكية وفق مجلة فوربس.
 ولم يملك رصيد سياسى – غير الرئاسة – ما يعتد به أو يمكن القياس عليه وتبين لنا الاخبار والسجلات  أنه غير انتماؤه السياسي خمس مرات منذ إنضمامه إلى الحزب الجمهوري عام 1987 ، ثم فى عام 1999 انضم إلى " حزب استقلال نيويورك " وانخرط فى عام 2001 فى الحزب الديمقراطي بعد فشل تجربته القصيرة فى حزب " الإصلاح " ثم عاد جمهوريا فى عام 2009 ، ولم ينتسب إلى أى حزب عام 20011 ثم ثبت نفسه فى عام 2012.
 وكان ترامب من أبرز المروجين للمؤامرة على باراك أوباما بأنه لم يكن مولودا فى الولايات المتحدة الأمريكية وهو أحد الشروط الرئيسية الذي يجب أن تتوافر فى أى رئيس للبلاد ولم يقر ترامب بأن الأمر لا يعد كونه إتهاما كاذبا إلا عام 2016 لكنه لم يعتذر أبدا عن نشر تلك المزاعم ، وفى عام 2015 أعلن ترامب خوضه السباق الرئاسى تحت شعار " إحياء الحلم الأمريكى الذى مات ".
 وقد تغلب بسهوله على منافسيه فى الحزب الجمهوري بعد أن رفع شعار " فلنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى " ليكون مرشح  الحزب الجمهورى فى مواجهة مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاي كلينتون ولما نجح كان صاحب درامية فى فترة رئاستة الأولى بصورة غير مسبوقة.
 حيث أصدر إعلانات رسمية عبر موقع توتير ( إكس حاليا ) ودخل فى مواجهات علنية مع قادة دول أجنبية وإنسحب  من إتقاقيات كبرى بشأن المناخ والتجارة وحظر السفر من سبع دول ذات أغلبية مسلمة وأصدر قيودا صارمة أخرى بشأن الهجرة وشن حربا تجارية مع الصين.
وطبق تخفيضات ضريبية قياسية وأعاد تشكيل العلاقات فى الشرق الأوسط عبر التوسط فى إتفاقيات تطبيع بين إسرائيل ودول عربية ولم يشارك ترامب فى حفل تنصيب خلفه جوبايدن وإنتقل بعائلته إلى ولاية فلوريدا لكنه احتفظ بدعم كبير من الأنصار ما منحه نفوذا كبيرا فى الحزب الجمهورى.
 وحسم ترامب  سباقه الرئاسى الثالث فى الخامس من نوفمبر 2024 وحقق حزبه أغلبية مريحه فى مجلس الشيوخ بإثنين وخمسون مقعدا ما بين ثلاث مقاعد ديمقراطية فيما تبقى فرصة سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب مفتوحه والآن يستشرف العالم آثار نجاح ترامب وبخاصة منطقتنا العربية ولكن قد يكون من المبكر الجزم بالنهج الذي سيتبعه ترامب تجاه منطقة.
 تعيش أحداثا عاصفة قد تدفع إلى نتائج غير متوقعه وهو ما يتناسب مع شخصية صعبة التنبؤ بسلوكياتها،  فكيف لشخصية لا تمتلك رؤية واضحة تجاه العالم مثل شخصية ترامب أن نتوقع تصرفاتها تجاه منطقتنا العربية.
وهنا تجدر الإشارة الي دور الفريق الذى سيعينه ترامب فى رسم سياساته الخارجية والذي بدأخ بإختيار سوزي وايلز مديرة حملته الإنتخابية لتولى منصب كبيرة موظفى البيت الأبيض لتكون أول إمرأة تعين فى هذا المنصب الرفيع وأول قرار تعيين يتم فى إدارته المقبلة وبحسب مراقبين.
 فإنه من المتوقع أن تتسم سياسته تجاه السعودية ودول الخليج العربى بملامح معينة تعكسها خطوطا عريضة عن فترة رئاسته الأولى والتي حظيت بالإهتمام الإستراتيجي للإدارة الأمريكية بمنطقة الخليج ومن أبرزها الأمن الإقليمي ومواجهة النفوذ الإيراني وأمن الطاقة واستقرار اسواق النفط ومكافحة الإرهاب والتعاون الأمنى والصراع العربى الإسرائيلى.
 وقد يكون الإتجاه إلى سياسة تعزيز الشراكات الأمنية وتعزيز العلاقات العسكرية والتعاون الأمنى مع دول الخليج والسعودية على الأخص مع التركيز على بيع الأسلحة والتعاون العسكرى الوثيق من خلال تدريبات عسكرية مشتركة وتحسين القدرات الدفاعية الإقليمية.
 وسيكون تعزيز الحضور العسكري الأمريكى فى المنطقة جزء من إستراتيجية أوسع للحد من التهديات الخارجية الإقليمية ويحضر إلى الذهن هنا فكرة أطلقتها إدارة ترامب السابقة فى منتصف فترتها الأولى وهى تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي " ميسا " الذى كان من المقترح أن يكون تحالفا إقليميا بين دول الخليج والأردن ومصر.
 للتعاون فى مجالات الأمن والطاقة والإقتصاد إلا أنها إنهارت مع نهاية فترته الأولى  وفى غمرة فرحة " ترامب " بالفوز فى الإنتخابات الرئاسية تصدر ملف الحروب والصراعات أهم التحديات أمامه فى ظل تصريحاته التى تعهد فيها بإنهاء الحروب ، خاصة فى أوكرانيا وغزة ولبنان مؤكدا بأنه سيقوم بوقف الحروب قائلا " سوف نوقف الحروب ولن نبدأها " مضيفا أنه " لم يكن هناك حروب فى ولايته الأولى .
 بإستثناء دحر تنظيم داعش خلال وقت قياسي " مؤكدا أن " هذايعد انتصارا كبيرا للديمقراطية والحرية " وعلق المحلل السياسى توت بيلت علي وعود ترامب بقوله إن ترامب لم يوضح كيف سينهي الحروب ، بخلاف قوله إنه سيجمع القادة فى غرفة واحدة ويتفاوض على اتفاق.
 وأضاف بيلت لا أحد يعرف كيف  سيبدو الأمر خاصة إذا لم يوافق الزعماء على التفاوض ويعكس هذا نهجا تبسيطيا للغاية فى التعامل مع الشؤون الدولية وهو النهج الذي وصف دائما بنهج ترامب فماذا سيفعل ترامب فى هذه الحقبة القلقة من تاريخ العالم ؟

 
                                                                                 سعيد إبراهيم
Saeedibrahimmohamed@yhoo .com