" في هذا الوقت الذى يضطرب فيه الفكر في مصر ويضطرم بحثا عن شخصيتها ودورها الإنسانى والحضاري فإننا في حاجة إلى فهم كامل لوجهنا ووجهتنا ولكياننا ومكانتنا ولإمكانياتنا وملكاتنا وأيضا لنقائصنا ونقائضنا بلا حرج ولا تحيز أو هروب " ( جمال حمدان ) .
وقد اخبرنا التاريخ عن سمات الشخصية المصرية فوصل إلى جذورها العميقة والمتوغله في جذوره إلى مفاتيحها فوجدها تتميز بالمرونة والقدرة الدائمة على التكيف والتعايش مع المتغيرات الحضارية المتتابعة مما جعلها شخصية تتميز بالثبات والإستمرارية مع القدرة على التغير في ذات الوقت وخاصة في محور الذات الشخصية والوطنية للشعب المصري فاللشعب المصرى سمات تقليدية تميزت بالثبات في مراحل الزمن والحقب التاريخية بأحداثها وهى سمات أصيلة لتمييزها عن السمات الفرعية أو الثانوية التي دائما ما تكون عرضة للتحريك حينما يكون المناخ سيئا فالمواطن المصرى ذكيا طيبا فنانا ساخرا متدينا عاشاقا للإستقرار وباحثا عن العيش الكريم ساعد ذلك على ثبات هذه السمات العوامل الجغرافية والمناخية المستقرة ولقد أفرزت ثورة يوليو المجيدة تغيرات جذرية إيجابية إتصلت بالتحرر الوطنى وطرد المستعمر المستبد ، النيل السعيد لعب دورا عظيما في تشكيل الشخصية المصرية فالنيل حينما يتمايل بين جنبات الوادى السهل المنبسط نراه كالسجادة الخضراء وكأنها منبسطة على ضفتيه تدعوا للتأمل والراحة والإسترخاء وخرير المياه في القنوات والترع بجانب أنين السواقى في الماضى كانت تروى ظمأ أرض الكنانة الخصبة ؛هذه الطبيعة كانت نواة لشخصية تميل إلى الوداعة والطمأنينة والتفاؤل والوسطية وحب الحياة الكريمة وجاءت ثورة يناير لتؤسس لهذا الهدف السامى وجاءت ثورة 30 يونيو لتحقق هذا على أرض الواقع وتجسد إرادة شعب وأنقذته من المصير المجهول وأحبططت مخطط الجماعة الإرهابية ودشنت عهد للتنمية الشاملة لم تشهدها بلدنا الحبيب منذ فجر التاريخ فجاء الاستقرار والأمن والإنطلاق إلى الجمهورية الجديدة وجاء الحوار الوطنى الذى دعى إليه الرئيس السيسى في السادس والعشرين من شهر إبريل عام 2022 وإجراء حوار مجتمعى في مختلف القضيايا وسط أجواء التفاؤل والبحث عن الصالح للوطن العزيز مصر في ثوب جديد ثوب الديمقراطية الحديثة ورسم خريطة للأبناء والأحفاد تمثل طريق المستقبل الواعد المشرق الذى يليق بأبناء شعب مصر ولأن مصر تمتلك من كفاءات العقول وصدق النوايا وإرادة العمل ما يجعلها في مقدمة الدول والأمم .
وجاءت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى " حوار سياسى حول أولويات العمل الوطنى " الذى تم التوافق عليه من جانب القوى السياسية على وصفه بالحوار الوطنى في السادس والعشرين من إبريل وفى أثناء حفل إفطار الأسرة المصرية . وسيتم رفع نتاج هذا الحوار إلى رئيس الجمهورية لتحويل التوصيات والمخرجات الناتجة عنه إما إلى سياسات وقرارات تنفيذية أو إلى مشروعات قوانين بحسب طبيعة المخرجات وبدء النقاش الواسع من أبناء الشعب المصرى والتيارات السياسية والفكرية على منصات الصحافة والإعلام حول دوافع الدعوة وأهدافها النهائية وقد تبادر إلى الأذهان سؤال لماذا كانت الدعوة للحوار و ربما رأى البعض إلى ربط دعوة الرئيس إلى الحوار الوطنى بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الناتجة عن الحرب الروسية – الأوكرانية على الاقتصاد المصرى وتأثيراتهاعلى المواطن المصرى وتاتى النظرة الاقتصادية للحوار ففد ركزت بعض أحزاب المعارضة على الترويج لتفسير سياسى أن الحوار الوطنى ليس إلا محاولة للخروج من أزمة سياسية تمر بها الحياة السياسية في مصر وهذه تصورات خاطئة فقد ركزوا على الطابع السياسى للحوار وحالوا قصر أجندة الحوار على القضايا السياسية وهذا ليس حق وأن أصحاب هذه التفسيرات السابقة إبتعدوا كل البعد عن مغذى وفلسفة الحوار الوطنى الشامل الذى دعا له الرئيس فكانت كلمة الرئيس متضمنة الدعوة على الحوار بتوجيه مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الهيكيلية والتي تشير إلى توسيع القاعدة الاقتصادية لعملية التنمية من حيث الفاعلين المشاركية في إتجاه توسيع دور القطاع الخاص وإعادة صياغة العلاقة بينه وبين الدولة التي طرحتها الحكومة في يونيو 2022 أو الاتجاه إلى إصلاح الخلل في بعض السياسات التنموية خلال السنوات الماضية فيما يخص عملية تمويل التنمية رغم ما قطعته مصر قيادة وشعبا في الإنطلاقة التنموية للعملية الاقتصادية بصورة غير مسبوقة لدول العالم وملموسة للمواطنين إلا أن ظهرت الحاجة إلى تعزيز العملية الاقتصادية ووضع الضمانات اللازمة لاستدامتها وحمايتها في مواجهة التحديات التي خلفتها الأزمات التي ضربت الاقتصاد العالمى وجميع الإقتصاديات الوطنية تقريبا بسبب جائحة كوفيد 19 ثم الحرب الروسية – الأوكرانية و ما يفرض علينا التركيز على وضع أولويات محددة للعمل الوطنى . إن الدعوة للحوار الوطنى لا تعنى غض الطرف عن عملية الإصلاح السياسى فقد سبق هذه الدعوة إتخاذ حزمة من الإجراءات المهمة من إعلان الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان سبتمبر 2021 وإلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد 25 أكتوبر 2021 وتفعيل لجنة العفو الرئاسي في 26 إبريل عام 2022 مما أدى إلى توالى الإفراج عن عدد من المحبوسين احتياطيا والعفو الرئاسي عن عدد من المحكوم عليهم قبل وأثناء عمل مجلس أمناء الحوار الوطنى ووصل العدد الإجمالى إلى أكثر من الف شخص بحلول منتصف نوفمبر عام 2022 مما يبرز لنا أن الإصلاح السياسى جزء من مبادرة يقوم بها الرئيس وليس بسب صراع بين السلطة والمعارضة كما يزعم البعض بعدم بصيرة ، فاللحوار الوطنى سمات ميزته حيث إنه إكتسب الطابع المؤسسى حيث أنه خضع لعدد من القواعد الحاكمة التي ضمنت له قدرا مهما المؤسسية وقد تحققت من خلال إجراءات تتمثل في : 1- التأسيس الذاتي لمجلس أمناء الحوار الوطنى .
2- وضع مرجعيات حاكمة للحوار ، 3- إعتماد مجموعة منظم من الوثائق المنظمة للحوار الوطنى . ووجدنا صدق الرؤية وبعدها فأفرز الحوار الوطنى حالة حراك سياسى في المجتمع الذى يتوق لنتائج وثمار يسفر عنها هذا الحوار تساهم في حل القضايا وتتعامل مع المشكلات والتحديات التي تؤرق المواطنين والتي تتعلق بالأسرة المصرية والتماسك المجتمعى والتي تواجه الأسرة المصرية الذى يصطدم بتشريعات يرجو المواطن تعديلها مثل قانون الوصاية على المال ، وهو القانون رقم 19 لسنة 1952 أي منذ 71 عاما ، والهوية الوطنية بمعرفة نواب وأكاديمين وخبراء لتشخيص الأزمات والمشكلات وتصيغ حلولا واقعية لها دون إغفال لحجم التحديات ولا تتجاهل الإحتياجات والضرورات وفى نفس الوقت تبني على ما تحقق من إنجازات تحققت خلال السنوات السبع الماضية ورأها المواطن راى العين ويأمل المواطن برغبة ملحة بداخلة في أن يرسم الحوار الوطنى بما يفرزه من حلول ورؤى ترسم صورة الجمهورية الجديدة وطرح مقترحات وتوصيات حول أليات العلاج العاجل ، والقعال الذى يحقق الاستقرار المجتمعى الذى يعد الركيزة الأساسية في الجمهورية الجديدة وخصوصا أن صاحب الدعوى هو الرئيس السيسى المهموم بمشكلات الوطن والمواطن وحامل راية البناء والإعمار والإرتقاء بمستوى ومكانة المواطن المصرى إلى أن يصل إلى حياة كريمة ، إنه قائد قادرا على مواجهة التحديدت بإرادة لا تلين .