د.سهر الدماطي: استقرار سعر صرف الدولار والإكتفاء الذاتي من الحبوب أكبر تحديات الحكومة الجديدة الأحد 14 يوليو 2024 -01:40 جانب من الحوار محمد عبد المنصف وامير العسيري د.سهر الدماطي: استقرار سعر صرف الدولار والإكتفاء الذاتي من الحبوب أكبر تحديات الحكومة الجديدة حان الوقت لتطبيق الحياد التنافسي بين المصنعين المصريين تشجيعا للقطاع الخاص ضرورة جذب المزيد من الإستثمارات الأجنبية والحفاظ علي المحلية وزيادة عدد السياح لمصر عجز الموازنة سببه الديون والقطاع غير الرسمي يمثل 40الي 50% من الإقتصاد علي مدي ساعتين استقبلت الدكتورة سهر الدماطي النائب السابق لرئيس بنك مصر واستاذ الإقتصاد بالجامعة الأمريكية بمكتبها فريق عمل "الإقتصاد والبنوك"، حيث تحدثت اليهم عن أكبر التحديات الإقتصادية التي تواجه الحكومة الجديدة في ظل التقلبات السياسية التي يشهدها العالم بصورة أدت الي ركود كثير من اقتصاديات العالم، مؤكدة علي ضرورة الحفاظ علي سعر صرف الدولار من خلال برنامج وطني لتحقيق الإكتفاء الذاتي من الحبوب للحد من استيرادها،وتعميق التصنيع المحلي وجذب استثمارات اجنبية وتشجيع المستثمرين المصريين للتوسع في استثماراتهم محليا بدلا من نقل انشطتهم لدول أخري، والعمل علي زيادة عدد السائحين لمصر بانشاء شركات طيران منخفضة التكاليف، باعتبار السياحة عنصر رئيسي لجذب العملات الأجنبية فضلا عما توفره من فرص عمل للشباب. والي نص الحوار: من وجهة نظرك ما هي اكبر التحديات الإقتصادية التي تواجه الحكومة الجديدة؟ لا شك أن استقرار سعر صرف الدولار أكبر تحدي يواجه الحكومة الجديدة، بعدما عانت البلاد علي مدار آخر 3سنوات من عدم توفر العملة الصعبة بشكل غير مسبوق، مما نتج عنه ظهور سوق سوداء رفعت سعر صرف الدولار الي 72جنيه، ولولا صفقة رأس الحكمة التي وفرت 35مليار دولار لمصر، التي ساعدت مصر علي الدخول في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي والإتحاد الأوربي للحصول علي قروض لإستكمال خططها الإستثمارية. وكيف يؤثر ارتفاع سعر صرف الدولار علي الأسواق؟ انخفاض قيمة الجنيه المصري امام الدولار من شانه رفع اسعار السلع الأساسية بصورة مبالغ فيها، ولولا تعويم الجنيه ليدور حول 48جنيه، لاستمرت السوق السوداء في المضاربه علي الدولار مما كان سيؤدي حتما الي تصاعد سعر الصرف إلي اكثر من72جنيه وبالتالي فقدان السيطرة علي اسعار السلع بالأسواق. وما هي الخطوات التي يجب ان تتخذها الحكومة للحفاظ علي سعر الصرف حول معدلاتها الحالية؟ يجب زيادة نسبة الإكتفاء الذاتي من الحبوب بما لا يقل عن 70% من القمح والذرة لأن استمرار استيرادهم بهذه المعدلات المرتفعة سيؤثر حتما علي سعر الصرف لتوفير العملة اللازمة لاستيرادها، وقد اتخذت الدولة اجراءات قوية ببناء عدد ضخم من الصوامع تكفي لتخزين كميات ضخمة من الحبوب علي مدار العام، ولكن بدون زيادة انتاجية البلاد من هذه الحبوب ستبقي المشكلة كما هي. وهل هناك حلولا غير تقليدية لهذه المشكلة؟ اعتقد اننا يجب أن نستفيد من اشتركنا في مجموعة البريكس التي تضم"روسيا"، و"الصين"، و"البرازيل"، و"جنوب افريقيا"، والهند"، وانضم اليها هذا العام كلا من مصر وايران واثيوبيا والمملكة العربية السعودية، والامارات العربية اعتبارا من يناير 2024، ويسمح هذا التجمع بتبادل السلع فيما بين دولة بالعملات المحلية، ونظرا لأنه يضم دول مصدرة للحبوب وخاصة روسيا والهند والبرازيل، فيمكن الاستفادة من هذا التجمع في خفض الطلب علي الدولار، وهذا يتطلب الإستعانة بخبير قادر علي تطبيق فكر التصدير بالعملة المحلية أو بنظام المقايضة " بتصدير سلع مقابل استيراد سلع"، ومن المؤكد أن نجاح مصر في تحقيق ذلك التبادل التجاري سيرفع من قيمة الجنيه المصري مع الوقت. وما هي الإجراءات الأخري التي يجب أن تتخذها الحكومة لتقليل الحاجة للدولار؟ تعميق التصنيع المحلي فلم يعد مقبولا استيراد كل السلع التي تحتاجها مصر من الخارج، بل اصبح رجال الأعمال مطالبين بالعمل علي استيراد التكنولوجيا بدلا من استيراد منتجاتها، وهناك تجارب ناجحة في ذلك مثل شركات العربي التي يقتصر استيرادها حاليا علي مستلزمات الإنتاج، بعد أن نجحت في نقل تكنولوجيا تصنيع الإلكترونيات لمصانعها، وكذلك نجاح شركات عز في قصر الإستيراد علي المواد الخام فيما تقوم مصانعه بتحويلها الي حديد وصلب، فلماذا لا نكرر هذه التجارب في كافة الصناعات. من المؤكد أن هناك معوقات تمنع رجال الأعمال من تكرار التجربة؟ الحكومة السابقة عقدت سلسلة اجتماعات مع المصنعيين، وتوصلت معهم الي فكرة "الحياد التنافسي"، بين القطاعين العام والخاص فيما يتعلق بتوحيد تكلفة مستلزمات الإنتاج من حيث اسعار الكهرباء، والضرائب وفواتير المياه وكافة الخدمات بحيث لا يحصل عليها قطاع الأعمال العام بأسعار اقل تجعل القطاع الخاص غير قادر علي منافسته في الأسواق. وماذا عن باقي العوامل التي مكن أن تساهم في توفير العملة الصعبة؟ جذب المزيد من الإستثمارات الأجنبية فمشروع رأس الحكمة فتح الباب امام شركات المقاولات المصرية للعمل، مما زاد من دخل العاملين وجذب العملة الأجنبية لمصر، اضافة الي زيادة عدد السائحين لمصر، فمن غير المقبول أن يكون لدينا كل هذه الشواطئ، واكبر حجم من الآثار التاريخية لكل العصور الفرعونية والرومانية والإغريقية والإسلامية ونعاني من ضعف السياحة، بل يجب فتح الباب امام القطاع الخاص لإنشاء شركات طيران منخفضة التكاليف أو قيام الدولة بنفسها بانشاء هذه الشركات، واستثمارالمطارات الدولية في اسوان والاقصر وشرم الشيخ وسوهاج والغردقة وحاليا يجري انشاء مطار راس الحكمة لنقل السائحين للمناطق السياحية أو الأثرية بشكل مباشر. وبماذا تفسيرين ارتفاع حجم التضخم بهذا الشكل غير المسبوق؟ عملت 38عاما خبيرة اقتصادية بمصر لم اشهد خلالها ارتفاعا للتضخم يصل إلي 40%مثلما يحدث حاليا، وذلك مرجعه تأثر مصر بالأحداث الجيوسياسية من حولها وبخاصة اندلاع حرب غزة التي ادت الي تراجع واردات قناة السويس بشكل كبير بعد ان كانت تقدر بنحو 10ملايين دولار سنويا، كما أدت الي تراجع حجم السياحة التي كانت تحقق نحو 12 مليار دولار سنويا، وقبلها تعرض العالم لحالة ركود بسبب تفشي وباء كورونا، وما اعقهبا من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت الي ارتفاع اسعار الحبوب عالميا. وكيف أثرت المشاكل الجيوسياسية علي الإقتصاد المصري؟ هذه المشاكل نتج عنها نزوح نحو 15 مليون وافد من دول الجوار إلي مصر، الأمر الذي مثل ضغطا رهيبا علي البنية الأساسية للبلاد وادي الي ارتفاع اسعار السلع الأساسية بهذا الشكل الرهيب، ومن غير الواضح متي تستقر المنطقة مرة أخري، ولكن من الصعب علي اقتصاد دولة نامية تحمل كل هذه المصاريف الي ما لا نهاية. ولماذا نعاني بشكل مستمر من عجز الموازنة العامة؟ عجز الموازنة سببه الديون وفوائدها سواء داخلية أو خارجية، فالعجز معناه ببساطه أن حجم مصروفات الحكومة أعلي من ايراداتها، ولا يمكن لإقتصاد أي دولة أن ينهض والديون تحاصره. وما هو طوق النجاة للاقتصاد المصري؟ اولا القطاع غير الرسمي الذي يمثل 40الي 50% من حجم الإقتصاد المصري يجب دمجه في الإقتصاد الرسمي، لأن هؤلاء لا يدفعون ضرائب للدولة لعدم امتلاكها مستندات عليهم، لأنهم ببساطة لا يملكون سجلات ضريبية، حيث يعرفون يكيف يديرون منظومة تجارتهم بواسطة سلاسل امداد بعيدا عن اعين الحكومة، ولابد من ادراج هذه القطاع في المنظومة الرسمية ، والعمل علي وقف هجرة المستثمرين المصريين للخارج بحثاعن تسهيلات ادارية وائتمانية في دول الخليج أوالدول الأوربية لا يحصلون عليها في مصر، وهؤلاء هم القادرون حقا علي دفع عجلة الإستثمارفي مصر. ومتي تستطيع الحكومة تطبيق هذه الحلول بشكل عملي؟ عندما تمتلك الكوادر البشرية القادرة علي ادارة الأمور واتخاذ القرا ر المناسب في التوقيت المناسب، فمشكلة مصر تكمن في ضعف كفاءة العاملين بالقطاع الحكومي، وبدون تأهيل كوادر شابه بعيدا عن البيروقراطية لا يمكن تنفيذ اي خطة استثمارية، اضافة الي ضرورة استقطاب المصريين الذين اثبتوا كفاءتهم في المؤسسات الإقتصادية الدولية، للمساهمة في بناء الدولة .