في اليوم العالمي للغة العربية: هوية أمة ورسالة حضارة
عصمت رضوان
في اليوم العالمي للغة العربية، وفي كل يوم من أيام حياتنا ، نحتفي بلغتنا العربية الغراء، نحتفي بروحٍ سكنت أجسادنا، وبدستور حمل تاريخ أمتنا، وبلسان عبر عن حضارتنا، تلك الحضارة التي امتدت قرونًا في ثنايا الزمان والمكان والوجدان.
إنها العربية؛ لغة الضاد، التي اختارها الله وعاءً لكتابه الخالد، فارتفعت بقدره، وارتقت فارتقى بها الإنسان فكرًا وبيانًا.
إن لغتنا العربية هوية تنبض في القلوب والعقول، وجسر يصل الحاضر بالماضي، ويصوغ المستقبل بوعيٍ راسخ وأصالةٍ تليدة.
بها نزل القرآن، فصارت اللغة التي حفظ الله بها الذكر، وأودع فيها من الأسرار والبلاغة ما جعلها قادرة على التعبير عن أدق المعاني وأعمق المشاعر .
لقد كانت العربية عبر العصور لغة العلم والفلسفة والأدب، خطّ بها العلماء نظرياتهم، ونظم بها الشعراء درر قصائدهم، وسُطّرت بها كتب الطب والفلك والرياضيات، فكانت لسان حضارةٍ أنارت العالم ، وأسهمت في بناء الفكر الإنساني.
وما كان هذا ليكون لولا سعتها، ومرونتها، وقدرتها الفريدة على الاشتقاق والتوليد، فبقيت حيةً متجددة، لا يحدّها زمان ولا يعجزها تطور.
وإن من واجبنا اليوم، ونحن نعيش عصر العولمة وتداخل الثقافات، أن نحفظ للعربية مكانتها، وذلك باستعمالها السليم في مجالات التعليم، والإعلام، والبحث العلمي، وبغرس محبتها في نفوس الأجيال منذ نعومة الأظفار.
فالحفاظ على اللغة ليس ترفًا ثقافيًا، بل هو ضرورة وجودية، لأن ضياع اللغة مقدمة لضياع الهوية.
إن إحياء العربية يكون بالاعتزاز بها، وبالتمسك بفصاحتها دون جمود، وبفتح أبوابها لاستيعاب مفردات العصر دون مسخٍ أو تشويه.
تكون عربيتنا حيّةً حين نكتب بها بإتقان، ونتحدث بها بطلاقة، ونؤمن بها لغة قادرة على مواكبة العلم والتقنية والفكر الحديث.
وفي يومها العالمي، نقف إجلالًا للغةٍ علّمت العالم معنى البيان، ونجدّد العهد على أن تبقى العربية في وجداننا حيّة، وعلى ألسنتنا فصيحة، وفي عقولنا راسخة؛ لأنها هوية أمة، ورسالة حضارة، وإرث غالٍ لا يقبل المساومة.
.