ازمة سد النهضة وموقف مصر منها في ضوء احكام القانون الدولي

السبت 19 يونيو 2021 -10:16

أ.د.محمد حسن

مقال بقلم أ. د:محمد حسن
يستمد نهر النيل مياهه من المناطق الرطبة ذات الهطول الغزير علي منابعه وأولها _ وهي الأقرب والأهم لمصر _ هضاب المرتفعات الإثيوبية وتضم إثيوبيا و إرتريا ؛ حيث يسري الماء منها عبر رافد النهر الاكبر وهو النيل الأزرق ومناطق ومنابع اخري لايتسع المقام لسردها( ) , ويضم حوض نهر النيل عشر دول مشاطئه له وليس ثمة شك ان غياب اتفاقية جامعه وشارعة للدول العشر تنظم امور استغلال النهر الخالد بين دول الحوض امراً مثيراَ للمنازعات والأزمات ومن ذلك ازمتي توزيع حصص المياه و بناء السدود لدول المنابع ففي بداية عام 2009 بدأ يلوح خلافاً ربما يتحول الي نزاعاً بين دول المنابع _ باستثناء دولة إرتريا _ وبين دولتي المصب حيث بدأت دول المصب تطالب بحصص أكبر من مياه النهر وتقر لنفسها الحق في إقامة السدود ( )دون الرجوع لدولتي المصب إزاء هذا الخلاف بين دول المصب والمنبع تم ابرام اتفاقية عنتيبي عام 2010 واصبحنا امام ازمة سد النهضة فقد استغلت اثيوبيا قيام ثورة 25 يناير وانشغال مصر بالشأن الداخلي لها وامور انتقال السلطة والعدالة الانتقالية حيث كان تصميم السد بارتفاع 85 متراً وسعة خزان حوالي 14 مليارمترمكعب وتصميم السد علي النحو كان متفق عليه وفقاً لبيوت التصميم ؛ لكفالة تأمين معامل أمان مقبول للسد ضد عامل الانزلاق او الانقلاب لاسيما في حالة حمل مياة الفيضان مع احمال الزلزال ولكن قامت الحكومة الاثيوبية _ بعد قيام ثورة يناير _ برفع سعه سد النهضة من 14 مليار متراً الي 74 مليار متراً مكعب ؛ مما يستتبع زيادة ارتفاع البنيان الخرساني ليصل الي 170 متراً ؛ وحتي يتم رفع سعة الخزان سيتم بناء سد ركامي بطول 5000 متراً وارتفاع يصل الي 60 متراً فوق الحدود المنخفضة لخزان البحيرة _ بحيرة التخزين _ ؛ لدعم الارتفاع ( ) ودون الدخول في تفاصيل اكثر في النواحي الفنية للسد فان موقف مصر من ازمة او نزاع سد النهضة ثابت واي دفوع تدفع بها امام اية هيئات او منصات دولية _ للحل القضائي للنزاع _ سوف يكون سديد , حيث ان مصر تنبهت منذ القدم بحدوث مثل تلك الازمات ؛ بالرغم من انه لاتوجد اتفاتفة جامعة شارعة للدول العشر لحوض النهر تحل بها مشكلة اقامة السدود لاسيما بين دول المصب والمنبع الا ان مصر قامت منذ القرنين التاسع عشر والمنصرم بعقد عدة اتفاقيات متفرقة بين دول المصب والسودان تضمن حقوقها من المياة فضلاً عن عدم اقامة سدود علي النهر دون الرجوع اليها ودونك اهم تلك الاتفاقيات ( ) - البرتوكول الموقع بين بريطانيا وايطاليا بروما في 15 ابريل سنة 1891 بشأن تحديد مناطق نفوذ كل منها في شرق افريقيا والذي نصت المادة الثالثة منه علي ان ايطاليا _ صاحبة السيادة علي الحبشة آنذاك _ تتعهد بألا تقيم علي نهر عطبرة ( ) واذا كانت اثيوبيا تحت الاستعمار فانها ملتزمة بتنفيذ البرتوكول ؛ إعمالاً لقواعد الثوارث الدولي المعمول بها بالمعاهدات . - مجموعة المعاهدات المعقودة بين بريطانيا واثيوبيا والموقعة في أديس ابابا في 15 مايو 1902 والتي يتعهد فيها الإمبراطور مينليك الثاني ملك ملوك الحبشة والتي يتعهد بألا ينشيء اية أعمال علي النيل الأزرق او بحيرة تانا او نهر السوباط يكون من شأنها تعطيل سريان مياهها الي نهر النيل الإ بالاتفاق مع حكومة بريطانيا وحكومة السودان المصري البريطاني( ) وكانت اثيوبيا غير مستعمرة في وقت ابرام تلك المعاهدات . - اتفاقية مياه النيل بين مصر وبريطانيا العظمي بالنيانة عن السودان وكينيا وتنجانيقا _ تنزانيا _ وأوغندا في عام 1929 , والتي تقضي بتحريم إقامة أي مشروع من أي نوع علي نهر النيل أو روافده أو البحيرات التي تغذيها كلها ألا بموافقة مصر . - الانتفاع الكامل بمياه النيل لعام 1959 بين مصر والسودان بشأن إنشاء السد العالي وتوزيع المنافع الناجمة عنه بينهما . ومعاهدات اخري ومذكرات تفاهم بين مصر واثيوبيا وغيرها من دول الحوض حرصت فيها مصر علي حقوقها المكتسبة من ححصها من النهر الخالد وعد اقامة سدود الا بالرجوع الي مصر( ) واخيراً ما شهدته العاصمة السودانية الخرطوم 23 مارس 2015 بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني الرئيس عمر البشير ورئيس وزراء إثيويبا هايلي ماريام ديسالين التوقيع علي وثيقة "سد النهضة تم التأكيد فيها علي ضمان حقوق دول المصب في عدم التأثير عليها ببناء السد وذلك بالنص علي المباديء الحاكمة والضمانات والحفافظ علي المصالح وتحقيق المكاسب المشتركة والتي تضمنت مبدأ عدم الاضرار بسبب بناء السد لكي لا يتأثر النهر الخالد . فالاتفاق شمل حزمة من المبادئ الاساسية التي تحفظ في مجملها الحقوق الحقوق والمصالح المائية لدول حوض نهر النيل لاسيما دول المصب وهي مبادئ التعاون وبناء الثقة المتبادلة وتبادل المعلومات والبيانات والتنمية والتكامل الاقتصادي والتعهد بعدم إحداث ضرر ذي شأن لاي دولة, والاستخدام المنصف والعادل للمياة , فضلاً عن مبدأ هام جداً ماثل في أمان سد النهضة , واحترام السيادة و وحدة آراضي الدولة , والحل السلمي للنزاعات مثل المفاوضات والتوفيق والمساعي الحميدة واللجوء للتحكيم الدولي لفض ما ينشأ من نزاعات حول سد النهضة . اين اثيوبيا منها الان ؟ ولذلك فان حق مصر في نهرها الخالد ثابت وفقاً لاحكام القانون الدولي . بقلم : د. محمد حسن السيد دكتوارة في القانون الدولي الخاص جامعة كامبردج . باحث دكتوارة بجامعة القاهرة في قانون الأعمال الدولية .