دراسة تحذر:سيطرة الألعاب الإلكترونية  تهدد الطفل المصرى

الجمعة 24 يونيو 2022 -07:06

د شيرين جمال الدين

د.شيرين جمال الدين
يعدالموروث الثقافي أو التراث الشعبي للمجتمع جزء هام وفعال من ثقافة المجتمع، فهو ميراثاً متعدد المستويات، يحمل من مستوى الجذور عناصر حاضرة في تراثه المُعاش ومعها عناصر من تراث المراحل التي توالت عليه وتفاعلت معه وكونت من كل ذلك مزيجاً فريداً من تراث الحضارات التي عاشت على أرض مصر.
     وقد نشأ هذا التراث من خلال تفاعل حي شديد التعقيد بين الإنسان والقوى الطبيعية والاجتماعية، هذا التفاعل هوالذى أسهم في صياغته وهو الذى يغذيه ويُمثل قوة استمراره ويمنحه قدرة متجددة على الحياة. فالتراث والثقافة الشعبية وسيلة خطرة وفعالة لأنهما أكثر قدرة على تثبيت التصورات والقيم والرؤى، وترسيخ المرجعيات الفكرية التي تصدر عنها المواقف، إلى جانب قدرتهما على اختراق الحواجز واجتياز الموانع.
     وعلينا أن ندرك أن هذا التراث لا يتيح للإنسان التكيف مع بيئته فحسب، إنما يتيح له إمكانية تكييف هذه البيئة لحاجاته. فلكل من التراث الشعبي والثقافة المرتبطة به بما يملكانه من عناصر مختلفة دور كبير في عمليات تنمية المجتمع، لكونهما يلعبان دوراً هاماً بالنسبة لسلوك الإنسان وتوجيهه، لذا فلا يمكننا إنكار دورهما الهام والفعال في التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
     ويعتبر التراث الشعبي من الموضوعات الهامة جداً من حيث التناول والعرض، خاصة ونحن مقبلين على مرحلة جديدة من الحياة الافتراضية الكاملة "الميتافيرس أو العالم الماورائي"، فبدلاً من أن تكون التفاعلات البشرية واقعية ومحسوسة عبر التلاقي المادي أو تكون غير مادية وغير محسوسة عبر التلاقي الرقمي من خلال شاشات الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، فسيكون هناك طريق ثالث يسد الفجوة بين هذين العالمين "الواقعي والرقمي" ليظهر عالم ثالث افتراضي يأخذ من الواقع شيئاً، ومن الانترنت والتقنيات الذكية أشياء وخصائص أخرى. 
سيتعرض معها مجتمعنا إلى تحولات سريعة وحادة قد تؤدي إلى تغيير منظومة الضبط الاجتماعي وأصابتها بحالة من عدم التوازن. فسيدخل المجتمع في ظل نظام عالمي جديد، سينعكسعلى بنيته وانبثاق العديد من المشكلات، في مجتمع لديه الكثير من المشكلات المتمثلة في البطالة وانخفاض القوى الشرائية وارتفاع معدل التضخم والتهميش الاجتماعي لعدد من القطاعات الاجتماعية، وتنعكس تلك الظروف على منظومة الضبط الاجتماعي، خاصة القيم كمصدر رئيسي له، إذ يحدث حالة من تشوه القيم وتداخل عناصرها وحالة من التناقض بين الحلال والحرام والصواب والخطأ والتشدد في موقف ما والتساهل في موقف أخر، وكذلك التناقض بين الشكل والمضمون.خلقت تلك الأزمات ضغوطاً على الفرد، وحدوث حالة من التخبط في أفعاله وفوضى مماثلة في الضبط الاجتماعي. لأن الفعل لا يتم إلا في ضوء الكل الذى يحتويه، فإذا كان الكل مختلاً فإن الفعل يصيبه الخلل بالتبعية.
     في هذه الحالة "يكون أمام الفرد في محاولته للتكيف مع الواقع إما أن يمتثل لحال واقعه، وهنا تظهر اللامبالاة إزاء كل ما يدور حوله وعدم القدرة على التعامل مع السياق الاجتماعي، ويظهر الاستسلام للقدرية والتواكل، إذ يكون الدين أحد الميكانيزمات التي تخفف من حدة الأزمات. أو أنه يستمر في صراع ومعاناة، وقد يتمرد فترة، ويناضل من أجل البقاء. وربما تدفعه الضغوط إلى البحث عن بدائل وإن كانت غير مشروعة. وليس معنى ذلك أن الضبط الاجتماعي في مجتمعنا فقد فاعليته، إذ تؤكد بعض الدراسات مدى رسوخ القيم الأصيلة التي تدعم معها آلياته. هذه المنظومة الضابطة تحاول أن تُعيد صياغة نفسها من جديدة للتكيف مع الواقع ومتطلباته. فضلاً عن ذلك يلعب التراث دوراً هاماً في تماسك أواصر المجتمع،كما أن الضبط الاجتماعي غير الرسمي مازال يلعب دوراً هاماً في تحقيق توازن المجتمع.
من هنا جاء اهتمامي بوضع "الطفل بين الألعاب الشعبية والإلكترونية"، حيث أن الاهتمام بالألعاب الشعبية وتوعية المجتمع بأهمية الحفاظ عليها للحفاظ على الصحة النفسية والبدنية لأطفالنا والاستفادة مما تحمله من منظومة قيم ضابطة تؤسس لمجموعة من القيم الإيجابية أهمها الانتماء التعاون والابتكار، ليصبحوا في المستقبل طاقة إنتاجية وفعالة في المجتمع. 
وأود أن أُشير إلى أنها ليست دعوة للرجعية أوالتخلف عنمواكبة التطور العالمي في المجال التكنولوجي، لكنها دعوة للحفاظ على الصحة النفسية والبدنية لأطفالنا وشبابنا، لكونهم الثروة البشرية التي يقوم عليها مجتمعنا، حتى لا تأتى علينا لحظة نقف فيها عاجزين عن الحفاظ على ثروتنا هذى وحمايتها من الآثار السلبية الناتجة عن هذه الهجمة التكنولوجية الشرسة التي يتعرضون لها يوماً بعد يوم. 
وعليهرأيتأهمية التعرض للجوانب الإيجابية والسلبية التي تؤثر على تكوين شخصية الطفل تِبعا لاختلاف نوعية الألعاب التي يُمارسها.
فاللعب بالنسبة للطفل غريزة فطرية وضعتها الطبيعة فيه ليتمكن من خلالها من النمو بشكل سليم في كافة نواحي حياته المختلفة التي تتمثل في النواحي الوجدانية والحركية والنفسية وكذلك النواحي العقلية، لذا فالطفل لا يتعلم اللعب من أحد لكنه يُمارسه بشكل فطري في بداية حياتهتبعاً لاحتياجاته المختلفة، والطفل الذى لا يُمارس اللعب يجب إخضاعه لاختبارات نفسية وعقلية للتأكد من كونه طفل طبيعي ولا يُعانى من أي معوقات في نواحي نموه المختلفة.
وتنوع الألعاب التي يمارسها الطفل للاستمتاع بوقته ما بين:
ألعاب شعبية:توارثهاعن الأجيال السابقة.وهى من أهم أنواع الفنون الشعبية لأى أمة من الأمم لكونها تعكس نموذج من نماذج الحياة في البيئة اتى نشأت فيها.
وتأتى أهمية الألعاب الشعبية من كونها وعاءً حافظاً لتقاليد المجتمع وعاداته العاكسة لمعتقداته ورؤاه التي تشكلت عبر العصور المختلفة، متجاوزة كونها مجرد وسيلة للتسلية وتبديد الوقت، مما جعلها عاكسة لحقائق المجتمع الراسخة ومكوناته القيمية، بالإضافة إلى أنها تُشكل مجالاً خصباً لتبادل واكتساب الخبرات والمعارف وتنمية المهارات، وتُغطى كافة مظاهر الحياة وتشبع الكثير من الحاجات الوجدانية والذهنية والعضلية لدى ممارسيها.
     فضلاً عن دورها في اكتشاف الذات، وتنشيط علاقة ممارسيها بالواقع المحيط، والتعرف على مكوناته واستثمار إمكاناته في ابتكار وسائل لهذه الألعاب من المنتجات الطبيعية أو ما تخلفه الاستخدامات الحياتية المختلفة بما يعزز مفهوم الانتماء. بجانب ما تدخله من بهجة وتحقيق للذات، فهي تدريب على الحياة الجماعية.
بالإضافة إلى ما سبق فالألعاب الشعبية لديها القدرة على تقديمالمساعدة في العلاج النفسي للأطفال الذين يمرون بأزمات نفسية وإحباطات أو يتعرضون لمنعطفات خطيرة تؤثر على نموهم الاجتماعي والنفسي وتفقدهم القدرة على الاستمتاع والتفاعل في حياتهم اليومية. 
والألعاب الشعبية منها ألعاب بنات وألعاب بنين وتنقسم إلى:
- ألعاب فردية: ذات قواعد بسيطة تُتيح للطفل إظهار قوته، يمكن أن يُمارسها منفرداً أو مع أخرين، وفى هذه الحالة يكون بها قدر من المنافسة التي تعتمد على قوة التركيز بين اللاعبين.
- ألعاب جماعية: تتوفر فيها روح الجماعة ويشترك فيها أكثر من لاعبين وتحكمها قوانين إلا أن الالتزام بقانون اللعبة يختلف حسب الفئة العمرية لممارسي اللعبة، فنجد الأطفال صغار السن يتشاجرون أثناء اللعب الجماعي، لكن سرعان ما يعودون لنظام اللعبة واستكمالها مرة أخري، يتبين من ذلك مدى إدراك الطفل لقيمة الجماعة في اللعب وأنه لا يستطيع أن يتخلى عنها طوال الوقت.
وأي نوع من الألعاب لابد أنهيؤدى وظيفة لممارسيه، كما ينتج عن ممارستها أكثر من نتيجة. وعليه فيمكننا القول بأن أهمية الألعاب الشعبية فتتبلور في:
-أنها تُمكن الطفل خلال ممارستها من اكتساب بعض المهارات الفكرية والجسمانية، كما تُكسبه بعض القيم الإيجابية مثل التعاون والمنافسة الشريفة واحترام النظام، ما يؤهله بعد ذلك للتعامل مع المجتمع بشكل ايجابي ومتزن، ويتعلم الأطفال من خلال اللعب معنى الحرية وكيفية احترام الغير. 
-أنها تساعد على نمو الطفل بشكل صحيح في كافة مراحل نموه، كما تُعينه على التكيف مع مجتمعه وتمنحه القدرة عليالاندماج فيه.
- تعمل على تنمية العقل المُبدع المبتكر، مما ينتج عنه شعور الطفل بقيمة إنتاج ما يحتاج إليه من ألعاب، فيصبح في مستقبله شخصاً منتجاً بدلاً من أن يكون مستهلكاً لما يُنتجه الغير.
- تُساعد الطفل على التخلص من النزعات العدوانية والرغبات المكبوتة لديه، كما تنمى لديه قدرة التغلب على مخاوفه.          
- تُكسب الطفل المعارف الجديدة، وذلك من خلال ما يكتشفه من علاقة السببية، بين ما يقوم به من أفعال وما يترتب عليها من نتائج.  
-بالإضافة إلى ما سبق:
- فمن خلال حس الطفل على ممارسة الألعاب الشعبية التي توارثها يتم ربطه ببيئته وتراثه الثقافي وتنمية هويته الخاصة.
-وتُمكننا الألعاب من تقييم سلوك الطفل وتوجيهه نحو القيم الإيجابية التي تُفيده وتفيد الجماعة. 
- كما يساعد اللعب في بعض الأحيان في علاج بعض القصور القيمي لدي الطفل.
وعلى ما تقدم يمكننا القول بأن اللعب بالنسبة للطفل هو الكتاب المفتوح الذي يتعلم منه، لذا يجب تشجيعه علي اللعب بكل طاقته حتى يحصل على نمواً متكاملاً في كافة نواحي نموه، فحرمان الطفل من اللعب يؤدى إلى عرقلة نموه بشكل صحي. 
إذا أضفنا إلى ذلكالقدرة على التخيل التي تُعد من أهم خصائص الطفولة نجد أن اللعب التخيليوسيلة أساسية في عملية إرشاد الأطفال لأنهم لا يستطيعوا التعبير عن انفسهم شفوياً بطريقة سليمة ولأنهم يتفاعلون مع البيئة المحيطة بهم من خلال اللعب، فاللعب هو الوسط الطبيعي الذى يعبر به الطفل عن ذاته، ويمنحه الفرصة ليعبر عن مشاعره ومشاكله بالأداء، ولذا فالعلاج باللعب مستند إلى هذه الحقيقة، إن العلاج باللعب يقدم خبرة جديدة للأطفال بمختلف فئاتهم، ففي اللعب وانشطته يستطيع الأطفال على ان يعيشوا مشاعرهم واحاسيسهم وان يعبروا عن الكراهية والخوف والغضب، وان يظهروا اشمئزازا من اشياء معينة وان يكونوا مرحيين مبتهجين بأشياء أخرى.
ويساهم اللعب التخيلي إلى حد بعيد في تطوير تفكير الأطفال وتنمية علاقاتهم الاجتماعية كأسلوب لتوضيح المفاهيم والقيم وتقريبها إلى الأذهان، ويفيدنا في الاطلاع على أسرار كثيرة في حياة الطفل. 
إن اللعب التخيلي ضروري جداً للنمو المعرفي للطفل، لأن أهم ما يتضمنه هو التعبير الرمزي أي تحويل البيئة الطبيعية المباشرة إلى رموز وهذا هو الأساس الذي يقوم عليه كل تفكير ناضج فيما بعد.
ويتعلم الاطفال في ألعابهم أن القوانين الاجتماعية ليست طبيعية وانما تستند على معتقدات وتوافق أو قبول ناضج، واللعب التخيلي موجود لدى جميع الثقافات، ويمثل مرحلة إلزامية من مراحل النمو، ولهذا النوع من اللعب القدرة المساهمة في تطوير الأطفال، فهو بمثابة الفاعلية القائدة التي تحدد نمو الطفل وتطوره كبؤرة العدسة المكبرة التي تحتوي على كل الميول التطورية في شكل مكثف.
واللعب التخيلي مرحلة وسيطة بين فعاليات الطفل الحسية والحركية وتفكير وخيال الطفل الأكبر، فكلما ينمو الاطفال يطوروا وسائل لانعكاس وتمثيل العالم ذهنياً، بالمواقف الخيالية فهم لا يستطيعون الابتعاد عن المحفز في البيئة، واللعب التخيلي هو المظهر الأول لتحرير الطفل ونموه، وتكون نهايته بدخول الطفل مرحلة التفكير المجرد.وهو نوعين
- اللعب الإيهامي:ويظهر عند الأطفال فيما بين عام ونصف وعامين ويتطور ليُنتج اللعب التمثيلي الذى يظهر من السنة الثالثة ويصل إلى حده الأقصى في السنة السادسة من عمر الطفل. خلال هذا النوع من اللعب يقوم الطفل بنشاط لغوى يستخدم فيه المهارات اللغوية التي اكتسبها بالإضافة إلى ممارسته لنشاط اجتماعي انفعالي ومن خلال ممارسته لهذا اللعب يعبر بشكل واضح عن انفعالاته. يؤدى هذا النوع من اللعب دوراً هاماً في النمو المعرفي والاجتماعي والانفعالي للطفل في هذه المرحلة السنية، ففيه يتحول نشاط الطفل من الأفعال إلى الأفكار.
بالإضافة إلى ذلك فهو يساعد الكبار في الاطلاع على أسرار كثيرة في حياة الطفل النفسية وعلاج ما يعتبر عقبة في سبيل نموه. 
 - اللعب التمثيلي: ويتضمن قدراً من الخيال، فالطفل في هذا النوع من اللعب يمارس تمثيل الأدوار، لذا يمكن من خلال هذه الأدوار التي يعتمد أداؤها على الخيال والتساؤل والاستفسار تنمية الإبداع، ويعد اللعب التمثيلي من أهم أنواع اللعب في تأثيره على نمو الطفل اللغوي لأن الطفل يستخدم اللغة للتعبير عن الدور الذى يؤديه.
وعليه نتبين أهمية اللعب التخيليالتي تتبلور في:
- إن الأدوار في اللعب الإيهامى فرصة يتعلم فيها الطفل معنى الدور كشيء له وجود ضمن إطار العلاقات الاجتماعية، كما يتعلم منه قيمة التكامل بين هذه الأدوار كوسيلة للتوافق في الحياة الاجتماعية فيما بعد، فيؤدى إلى تطوير المهارات الاجتماعية لدى الطفل ويساعده على ممارسة مهارات التفاوض، تحويل الأخذ إلى المشاركة. ويوفر فرصا لحل المشكلات واختبار الحلول، كما يوفر الفرص للأطفال للتعرف على عالم الكبار ويعمل على تدريب الطفل على تأدية الدور الذي يؤدى إلى فهمه وتفسيره للأشياء
- خلال اللعب التمثيلي يقوم الطفل بإعادة تنظيم أشياء مألوفة لاستخدامها في مواقف غير مألوفة، ويُعد استحداث استخدام الأشياء بشكل جديد شكل من أشكال التفكير الإبداعي، معنى ذلك أن الطفل كلما نشط في اللعب التمثيلي كلما أدى ذلك إلى بحثه ووصوله إلى أفكار جديدة بعيدة عن المألوف وهذا عنصر أساسي من عناصر الابتكار، من هنا يمكن اعتبار اللعب التمثيلي مقدمة مرحلية للتفكير الإبداعي.  
- اللعب بالأدوار عندما يمارسه الطفل فهو يؤدى إلى أكثر من نتيجة فهو بالإضافة إلى كونه يؤدى إلى الترابط الاجتماعي والانتماء، ويساعد على النمو العاطفي لدى الطفل حيث يساعده في فهم المشاعر والتعبير عنها من خلال إعادة تمثيل بعض التجارب، وأخذ الأدوار التي تشجع على الانضباط والتقمص العاطفي، كما يعمل أيضاً على تنمية القدرات العقلية ويؤدى إلى نوع من أنواع الوعي الثقافي لدى الطفل، حيث يمكنه من الأداء الحركي في بعض الأحيان بالإضافة إلى إمكانية استخدامه في علاج بعض نواحي القصور لدى الطفل. 
- تنمية القدرة الإبداعية والمهارات اليدوية لإنها تُكسب الطفل القدرة على التركيز والانتباه بجانب القدرة على الابتكار وحسن التصرف وسرعة البديهة، بالإضافة إلى تطوير المهارات اللغوية وممارسة الاستماع والإنصات والحديث والتحدث للأخر، كمايساعده على تطوير فهمه لما يجري بثه عبر لغة الجسد مثل الابتسامة والايماء.
بالإضافة إلى ذلك فالخيال يمكنه أن يكون أي شخص ويفعل أي شيء في العالم الخيالي، كما أنه وسيلة رائعة من وسائل راحة واسترخاء الطفل من أشغاله اليومية، وعدد كبير من الألعاب الأطفال تتمركز حول الحياة الأسرية وحل المشكلات ضمن دائرة الاسرة وتظهر لدى الأطفال في عمر الرابعة وتختفي مع تقدم العمر.
وعلى جانب أخر يقوم اللعب التمثيلي بدور هامفي تشخيص الإضرابات النفسية وعلاجها لدى الأطفال، من خلال ملاحظتهم الدقيقة، وقد يكون العلاج باللعب غير موجه وذلك بتهيئة الجو الملائم للطفل والذي يستطيع فيه أن يعالج مشكلاته، غير أنه في أحوال أخرى يلزم تخطيط بيئة اللعب بحيث تُيَسر الربط بين مواد اللعب والاضطراب الذي يُعانيه الطفل.
كما أن الألعاب التشكيلية: التي يمارسها الطفل تنمى لديه أول مبادئ القدرة على الاختراع والابتكار فهي تعمل على تنميته عقلياً ومعرفياً، وفيها يقوم الطفل باستغلال الخامات المتاحة في البيئة ليصنع منها ألعابه، وتُحدث هذه الألعاب تأثيراً نفسياً وتربوياً ذا أثر إيجابي تعليمي في النمو النفسي للطفل أكثر من الألعاب الجاهزة.  
     مما سبق يمكننا القول بأن للألعاب الشعبية بأنواعها المختلفة تأثيرها على المجتمع حيث أن اقتران اللعب بالإشراف الجيد يحقق قيم خُلقية كبيرة، لما له من أثر في تنمية الاتجاهات الاجتماعية التي تجعل الفرد عضواً إيجابياً في الجماعة، حيث يخلق روحاً رياضية عالية تتمثل في احترام القانون والأمانة والشجاعة والقدرة علي السيطرة على روح الأنانية لدى الفرد وتحويلها لصالح الجماعة، كما أنه ينمي القدرة على التعاون والخبرة في القيادة.
     كما أن انشغال الأطفال والشباب في الملاعب يحول دون اشتراكهم أو تفكيرهم في الجريمة، لكن هذا لا يعنى أن نعتبر اللعب علاجاً مباشراً للجريمة، لكنه أحد القوى التي تحول بين الفرد وبين الانحراف لما له من أثر علي حياة ممارسيه. كما أنه أحد أهم وسائل دعم الصداقة والتفاهم بين الأفراد. بلا شك أن كل هذه العوامل تؤدى إلى وحدة وتماسك المجتمع.
اأملعاب إلكترونية:وهى أنماط غريبة على مجتمعنا وفدت إلينا من الغرب، وبدأت تحل محل الألعاب الشعبية التي كان يُمارسها الأطفال في الماضي. وتتمثل في ألعاب يتم تحميلها على الأجهزة الإلكترونية مثل:
1 - الكمبيوتر    2 – الاتاري     3 – البلاي ستيشن     4 – الاي باد     5 – التابلت وغيرها من الأجهزة الالكترونية التي يتمكن الأطفال من اللعب عليها. 
وتتمثل خطورة الألعاب العصرية على الطفل والمجتمع في:
أنها ظهرت وانتشرت بشكل كبير بين الأطفال بدلاً من الألعاب الشعبية التي كانوا يمارسوها بفطرة وعفوية. وقد أشارت بعض الدراسات الحديثة أن هذه الألعاب تُعرض الأطفال الشغوفين بها من خلال ممارستها لوقت طويل إلى التشنجات العصبية مما يدل على توغل سمة العنف والتوتر الشديد في أوصال هؤلاء الأطفال وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى إصابة هؤلاء الأطفال بأمراض الصرع الدماغي والتوحد.
وفى بعض الأحيان تؤدى الألعاب العصرية إلى تشويه ذاتية الطفل وربطه ببعض الانحرافات الإجرامية. فالكثير من ألعاب المقاتل الأول يتعلم منها الطفل الكثير من القيم السلبية حيث أنه يكتسب من خلالها قبول فكرة القتل، واعتباره شيء ممتع وفيها يشارك الطفل في العنف، مما يُعد تدريب شخصي له يؤثر بالسلب على مستقبله وكذلك ينجم عنه نتائج سلبية على المجتمع ككل. 
كما أن هناك ألعاب تقوم على أفكار خبيثة لتحطيم كثير من الأخلاقيات التي يتعلمها الطفل في المجتمع المسلم مما يؤدى إلى تذبذب هذا الطفل بين ما يتلقاه من والديه ومعلميه من قيم وبين ما يُدس له من خلال الأحداث الجارية والصور العارية والألفاظ والموسيقى وذلك من خلال وسائل تشويقية كثيرة. إذا أضفنا إلى ذلك تصوير الخبث علي أنه ذكاء والطيبة على أنها سذاجة وقلة حيلة، مما ينعكس بدوره على عقلية الطفل ويجعله يستخدم ذكاءه في أمور ضارة به وبمن حوله.
    بالإضافة إلى ما سبق فهذه الألعاب تقتل في الطفل الإبداع والابتكار وتشجعه على الاتكالية وملاحقة كل ما هو جديد، فلا يحاول الطفل أن يفكر في ابتكار ما يشغله أو يُشبع رغبته في التمتع باللعب، لكون هذه الألعاب تعود الطفل على الركود العقلي والعضلي. وعلى ذلك فلابد من حماية الطفل والمجتمع من هذه الألعاب. 
وعليه فعلينا التكاتف لحماية الطفل والمجتمع من مخاطر الألعاب العصرية من خلالعدة خطوات لأنه إن أمكن حماية الطفل فإن ذلك يعنى حماية المجتمع نفسه من هذه المخاطر، تتمثل هذه الخطوات في:
– دور الأسرة في تنشئة الطفل الاجتماعية:
     تقوم الأسرة بمساعدة الطفل على اشباع حاجاته بشكل كافي في إطار من الأمن والحب والعطف وهو ما يساعده على التكيف، هذه القدرة على التكيف هي حجر الزاوية في تعليم الطفل وتنشئته الاجتماعية حتى يصبح فرداً ايجابياً في المجتمع يُسهم في رقيه فيما بعد.
حيث يولد الطفل ولديه القدرة على التعلم لكنه لا يولد ولديه أنماط السلوك فهذه الأنماط السلوكية يتعلمها الطفل من الحياة الاجتماعية، وهو ما يشكل شخصية الفرد بطريقة صحيحة يرضى عنها المجتمع. تبدأ عملية التنشئة والتعلم وضبط سلوك الطفل داخل الأسرة في سن مبكر جداً وهى عملية ذات جانبين: يقوم الأول على ضبط سلوك الطفل، يقوم الثاني على إعانة الطفل وتشجيعه على أن يتعلم كيف يحقق كثيراً مما يريد.
     ويجب على الأسرة أن تقوم ببناء الحصانة الذاتية في نفوس أبنائها بحيث يؤدى ذلك إلى انتاج طبيعة رافضة لكل ما هو ضار أو محرم وذلك من خلال توجيه الأولاد إلى ما هو مفيد من الألعاب التي تقوم على تنمية الذوق والفكر. بالإضافة إلى أهمية التنشئة الدينية لحماية الطفل من مخاطر هذه الألعاب، حيث أنه في حالة تمتع الطفل بالوعى الصحيح بجوانب دينه وما يُحرمه هذا الدين وما يُبيحه يمكنه أن يرفض الألعاب التي تتعارض مع نشأته الدينية. 
    إلى جانب ذلك فلابد من تعزيز الهوية وربط الطفل بتراثه الثقافي، مع ضرورة وجود حوار مستمر بين الأسرة والطفل كما يجب على الأسرة مراقبة الطفل بشكل جيد دون أن يشعر حتى لا يحاول أن يمارس بعض الأفعال التي قد تجنح به إلى جوانب سلبية قد تضر به، ويجب إشعار الطفل دائماً بأنه محل احترام وثقة حتى لا يتعمد إخفاء ما يمارسه من نشاط فتتمكن الأسرة من توجيهه في الوقت المناسب. 
ومن واجب الأسرة توجيه نشاط أبنائها إلى ممارسة الألعاب التي تُفيد في تنمية قدراتهم العقلية والبدنية وكذلك النواحي النفسية حتى تتمكن من شغل فكرهم ووقتهم في ممارسة ألعاب ذات تأثير إيجابي عليهم. بدلاً من منحهم الهواتف المحمولة وتعويدهم على ممارسة الألعاب الالكترونية من خلال السماح هم بممارستها في سن يبدأ من مرحلة الرضاعة ما يؤدى إلى ادمانهم لها مع الوقت،وعزلهم عن البيئة المحيطة بهم، كما تُرسخ لديهم صور ذهنية وقيم متناقضة عن قيم مجتمعه، ما ينشأ عنه إصابتهم بنوع من ازدوج المعايير وتناقضها لدى الطفل، بالإضافة لإصابتهم بحالات من البكاء الهستيري والتشنجات حال منعها عنهم، ما يترتب عليه عجز الأسرة عن إثناء أطفالها عن ممارسة هذه الألعاب. 
– أما المدرسة فيتلخص دورها في تنشئة الطفل الاجتماعية في:
–العمل على التكامل الاجتماعي بين التلاميذ نتيجة اختلاف العادات والتقاليد الناتج عن اختلاف الطبقات الاجتماعية، لذا فعلى المدرسة أن تعمل على إذابة الفوارق بين الطبقات. 
     – تساعد المدرسة الطفل على التكيف الاجتماعي وتتيح له الفرصة لتشكيلة اجتماعياً تشكيلاً تاماً بما يمكنه من التكيف مع البيئة المحيطة به، كما أنه يكتسب عن طريق المدرسة العادات والسلوكيات السليمة التي يرضى عنها المجتمع، إلى جانب تزويده بالمعارف والمهارات والخبرات، وذلك لكون المدرسة من أهم المؤسسات التي تقوم بعملية التنشئة الاجتماعية بعد الأسرة.   
– وللمؤسسة الثقافية دورها في التنشئة الاجتماعية للطفل من خلال:
- إقامة عدد من الندوات والمحاضرات الخاصة بالتراث الثقافي بعناصره المختلفة وخاصة الألعاب الشعبية على أن تتناسب مع المراحل العمرية المختلفة للطفل، لتعريفه بهذه العناصر لترسيخ الهوية الثقافية لديه وتعريفه بالألعاب الشعبية وتوعيته بأهميتها في تنمية قدراته البدنية والذهنية. 
- وإقامة اولمبياد لهذه الألعاب الشعبية يتم خلالها ممارسة هذه الألعاب تبعاً لانتشارها الثقافي في المجتمع، لإعادة احيائها على أن تتم إقامة عدد من الأنشطة الثقافية ذات الصلة على هامش هذه الالمبياد، مع ضرورة منح المشاركين بعض الهدايا العينية المتمثلة في الإصدارات الخاصة بالمؤسسة والتي تهدف إلى ترسيخ القيم الإيجابية وتنمية قيمة القراءة لديهم.
     وبذلك تكون المؤسسة قد قدمت عوامل الاستمرار والانتشار والحماية لهذا العنصر الثقافي الهام وشاركت في حماية المجتمع من مخاطر انتشار الألعاب العصرية. 
نتبين من العرض السابق ما تتمتع به الألعاب الشعبية من أهمية تساعد في نشأة الطفل على حالة من الاستواء النفسي، وعليه فعلى المؤسسات المعنية بالتراث تعريف المجتمع بالألعاب الشعبية التي كادت أن تندثر، وتنبه إلى أهمية هذه الألعاب بالنسبة للطفل والمجتمع وتحاول العمل على احيائها وتوظيفها لما لها من تأثير إيجابي على سلوكيات الطفل.
محاولة إدراج مناهج تعليمية بمدارس المرحلتين الابتدائية والإعدادية للتعريف بالألعاب الشعبية وأهميتها وحث الأطفال على ممارستها من خلال تنظيم مسابقات ومهرجانات للتشجيع على ممارستها لما لها من أثار إيجابية على ممارسيها، وتشجيع الأطفال على ممارسة الألعاب الشعبية والتمثيلية لما لها من دور هام في نمو وارتقاء شخصية الطفل وتعديل سلوكياته السلبية.
في النهاية يجب عدم السماح للتكنولوجيا الحديثة والألعاب العصرية بدخول حياة الطفل والسيطرة عليه واايستيلاء على كل وقته وتفكيره لتجنب أثارها السلبية، ولا يعنى ذلك البعد عن مواكبة التطور التكنولوجي إنما تكون المواكبة من خلال التعامل مع هذا التطور بحذر وتحت مراقبة الأسرة حتى لا ينجرف الطفل داخل دائرة إدمان هذه الألعاب وما تولده لديه من ميول سلبية.
_________
هامش :أهم مراجع الدراسة
1 – إيمان الخفاف - اللعب استراتيجيات تعليم حديثة - دار المناهج للنشر والتوزيع ٢٠١٠
2 - أسماء العبودى – الطفل والتراث الشعبى – مجلة المعرفة – ع 173.
3 - حسام محمد – عميد المكتبات الجامعية فى جامعة الإمارات بالعين – نت.
4- سال سيفر – اللجنة الوطنية للطفولة – منتدى البحوث والدراسات – نت.
5 - فؤاد مرسى – ألعاب الأطفال بين الاتصال والانفصال – بحث مقدم لمؤتمر الأول لثقافة الطفل – أبريل 2013 – ص 378.
6 - كريمة حلمى سويلم – التنشئة الاجتماعية وانعكاساتها الثقافية – ورشة عمل – الهيئة العامة لقصور الثقافة2003.
7 – محمد عماد الدين اسماعيل – الأطفال مرأة المجتمع– سلسلة عالم المعرفة الكويت 1986.
8 – محمد طلعت إبراهيم – التربية البدنية فى رياض الأطفال والتعليم الأساسى – بدون.
9 – محمد عادل خطاب – الألعاب الريفية الشعبية – الأنجلو المصرية 1964.
10 – وفيق صفوت مختار – أبناؤنا وصحتهم النفسية – دار العلم والثقافة – بدون.
11 – ويلاردألسون – تطور نمو الأطفال – ترجمة/ د.إبراهيم حافظ وأخرون –  نهضة مصر-بدون
.