التمييز العنصري بين العاملين وأصحاب المعاشات في الرعاية الطبية

الجمعة 09 يوليو 2021 -09:50

صورة أرشيفية

خاص
من عشرات السنين يتمتع موظفو بنك الإسكندرية سواء في الخدمة او بالمعاش برعاية طبية كاملة دون أي نسبة تحمل وفق نظام علاج طبي متكامل تقضي لوائح البنك بأن تشارك في وضعه اللجنة النقابية التي تمثل العاملين. ظل هذا الوضع قائماً قبل وبعد خصخصة البنك وبيعه لمستثمر أجنبي، حيث نفذت صفقة البيع بنهاية عام 2006 وانتقل بموجبها80% من أصول البنك للمستثمر الأجنبي في بداية عام 2007، أما الحصة المتبقية من رأسمال البنك وقدرها20% فقد بقيت ملكاً للحكومة المصرية، وقد أعلن في حينه أن عقد البيع يتضمن تعهد المشترى بأن يلتزم بحقوق ومزايا الموظفين وعلى رأسها الاستمرار في توفير الرعاية الطبية الكاملة لجميع العاملين بالخدمة وبالمعاش. من جهة أخرى تقضي لوائح البنك التي جرى العمل بموجبها قبل وبعد الخصخصة باستمرار تمتع العاملين بالرعاية الطبية بعد الخروج على المعاش لبلوغ السن القانونية أو بنظام المعاش المبكر، كما تقضي بذلك تعهدات البنك لكل من يتقدم باستقالته للانتفاع بنظام المعاش المبكر. وتجدر الإشارة إلى أن مجلس إدارة البنك كان قد قرر في جلسته المنعقدة بتاريخ 12/6/2007 وضع يد البنك على 200 مليون جنيه من الارباح القابلة للتوزيع عن النصف الثاني من عام 2006 لتكوين مخصص لتامين استمرارية الخدمة المتميزة للعلاج الطبي. وقد استمر تقديم خدمات الرعاية الطبية لكافة العاملين على قدم المساواة ودون تمييز لسنوات طويلة، تنامى خلالها مخصص العلاج الطبى بقيمة العائد وبدعم من البنك حتى بلغ رصيده فى31/3/2021 مبلغ 1237 مليون جم (مليار ومائتان وسبعة وثلاثين مليون جنيه). خلاصة القول أن البنك أنشأ مخصص العلاج الطبي من أرباح العاملين الذين كانوا في الخدمة وغالبيتهم من الموجودين حالياً بالمعاش، وإن كان عدد منهم ما زال في الخدمة، وهذا معناه أن العاملين بالمعاش هم الأولى بالرعاية لكونهم ساهموا بنصيبهم في الأرباح في إنشاء المخصص المشار إليه، إن لم يكونوا الأولى بالرعاية لدواعي إنسانية بحكم تقدمهم في السن ومعاناتهم أمراضاً مزمنة يعاني منها أغلب الكبار مثل الضغط والسكر وأمراض القلب وضعف الإبصار. وبالرغم من كل ما سبق فاجأنا البنك بتغيير نظام العلاج الطبي بعدد من الإجراءات الباطلة التي تتصف بالتمييز العنصري على النحو التالي : 1 – تعاقد البنك مع شركة جديدة (NC) لتقديم خدمات الرعاية الطبية، وتلاحظ أن البنك قد أخفى بنود التعاقد وملامح تعديلات نظام العلاج الطبي لما يشوبها من بطلان بسبب التمييز البغيض بين العاملين وعدم مشاركة اللجنة النقابية التي تمثلهم في وضعها، وقد تبين بالإطلاع على بطاقات العلاج الطبي بأنه تم تقسيم المستفيدين من خدمات الرعاية الطبية إلى أربع مجموعات: المجموعة (1) من العاملين الجدد نسبياً وربما من تم تعيينهم في السنوات العشر الأخيرة، والمجموعة (2) من قدامى العاملين الموجودين بالخدمة، والمجموعة (3) من موظفي الخدمات المساعدة الموجودين بالخدمة، والمجموعة (4) من الموظفين بالمعاش من كل الفئات، ويقال أن موظفي الخدمات المساعدة (مجموعة 3) تقدم إليهم نفس الخدمات التي تقدم لاصحاب المعاشات (مجموعة 4) من خلال شبكة واحده Retired Network (RN)، هذه الشبكة تعاني نماذج صارخة من المعاملة التمييزية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: - تم حجب عدد من المستشفيات والمراكز الطبية المتميزة عن شبكة المعاشات، بينما تتاح خدماتها للموظفين الموجودين بالخدمة. - لا مجال للمقارنة بين المستشفيات والمراكز الطبية التي تخدم العاملين بالخدمة والعاملين بالمعاش من حيث الإمكانيات وجودة الخدمة والتغطية الجغرافية، وإذا أخذنا مثلاً منطقة مصر الجديدة وضواحيها نلاحظ حرمان موظفي شبكة المعاشات من خدمات أكثر من (5) مستشفيات تقدم خدماتها للموظفين الموجودين بالخدمه. - طالت ممارسات التمييز العنصري بين شبكة المعاشات والعاملين بالخدمة نوع الخدمات المقدمة في نفس المستشفى أو المركز الطبي، فالموظف بالخدمة يمكنه إجراء التحاليل والأشعات في نفس المستشفى بينما الموظف بشبكة المعاشات يتعين عليه الخروج من المستشفى والتوجه الى أحد معامل التحاليل ومراكز الأشعة للحصول على موافقة أخرى إذا تفضلت عليه الشركة بها، وفي العديد من الحالات رفضت الموافقة وطلبت تقرير طبي من الطبيب المعالج ليعود المريض كبير السن إلى المستشفى لطلب التقرير الطبي ثم يرجع لطلب موافقة الشركة فإذا وافقت يعود الى معمل التحاليل او مركز الاشعة لإجراء اللازم ثم يعود مرة أخرى الى المستشفى لعرض نتائج التحاليل والأشعات على الطبيب المعالج. - دأبت شركة (NC) التي تعاقد معها البنك لتقديم خدمات الرعاية الطبية لموظفيه على التضييق على مجموعة أصحاب المعاشات برفض صرف أدوية وصفها الأطباء والاستشاريون، معللين سبب الرفض بأن (هذه الادوية غير مغطاة)، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض الزملاء المرضى يتناولون نفس هذه الادوية منذ سنوات لم تمتنع عن الموافقة على صرفها الشركات التي سبق للبنك التعاقد معها. والأعجب من هذا أن الشركة ساومت بعض الزملاء للموافقة على صرف بعض الأدوية دون البعض الآخر، بل تركت لهم حرية إختيار بعض الأدوية دون البعض الآخر، والحقيقة أنه لا أحد يعلم إذا كان الموظفون في الخدمة يلقون نفس هذه المعاملة أم أن الشركة قد تعاقدت مع البنك على التضييق فقط على أصحاب المعاشات. - دأبت الشركة (NC) على رفض الموافقة على إجراء عمليات جراحية لأصحاب المعاشات مثل عمليات المياه البيضاء وحقن العين، معللين سبب الرفض بأن (الأمراض المتعلقة بكبر السن والشيخوخة غير مغطاه). ومن يعاني من تلك الأمراض سوى أصحاب المعاشات، وهل هذا التعنت مقدمة يتنصل بعدها البنك عن التزامه وتعهده بأن يستمر تمتع العاملين بخدمات الرعاية الطبية بعد الخروح على المعاش، أم أن البنك يعمل على خفض النفقات عن طريق التضييق على المرضى بتعقيد الإجراءات وتقليص عدد الموافقات حتى يضطر أهل المريض إلى تحمل نفقات علاجه إذا أرادوا له أن ينجو بحياته. - تعاقد البنك مع شركة أخرى (YOD) تصف نفسها بأنها منصة رقمية للحصول على الأدوية ومهمتها طبقاً لما أعلنه البنك توصيل أدوية العلاج الشهرى لأصحاب الأمراض المزمنة في منازلهم فيما يشبه خدمة الديليفري، وقد شكا كثير من الزملاء من تأخير تسليم العلاج، ومن وجود أدوية قاربت صلاحيتها على الانتهاء، ومن عدم تسليم بعض الأصناف بدعوى عدم توافرها. وتجدر الإشارة إلى أن الإعلام قد سبق أن تناول تحذير نقابة الصيادلة من التعامل مع مثل هذه الشركات لما يمثله ذلك من مخالفة للقانون وما يحمله من مخاطر تداول الأدوية عبر وسيط وصرفها من غير الصيدليات الخاضعة للرقابة. إن هذه الأمثلة بعد مضي أقل من شهرين فقط على تعديلات البنك الباطلة على نظام العلاج الطبي ذات دلالات خطيرة ليس فقط على التمييز العنصري والتفرقة اللا إنسانية بين العاملين بل على تعنت واضح ومقصود بالعاملين بالمعاش من المرضى وهم الأولى بالرعاية، وما يفعله البنك بهم ظاهرة هي الأولى من نوعها ولم يسبق حدوثها من قبل. وبالنظر إلى أن البنك ارتكب هذا التمييز العنصري المسيء لموظفيه السابقين الذين أفنوا صحتهم وشبابهم في خدمته حتى خرجوا على المعاش، فقد انتقل هذا السلوك المقيت الى الشركتين المذكورتين، وكانت النتيجة أن ضج أصحاب المعاشات بالشكوى من الأساليب غير اللائقة في التعامل معهم لدرجة وصلت حداً لا يقبله أحد من الشعور بالإهانة المتعمدة، وانعدام الرحمة وعدم الرفق بالمرضى وكبار السن، وقد بات واضحاً أن هذه الشركات قد حصلت من البنك على ضوء اخضر بإساءة معاملة حاملي كارنيهات مجموعة أصحاب المعاشات. وعندما أعلن البنك هذا التعديل المشئوم لنظام العلاج الطبي والتعاقد مع الشركتين المشار إليهما في بداية شهر مايو 2021، وبعد أن تكشفت نوايا البنك بالتمييز العنصري ضد أصحاب المعاشات، ونظراً لانعدام ثقة أصحاب المعاشات في البنك الذي سبق له أن نكص عن تعهده وتراجع عن التزامه بسداد مستحقاتهم في صندوق الزمالة منذ عام 2016 وهو موضوع آخر ليس هذا مجاله وسوف نتناوله في حينه، لم يتوقف أصحاب المعاشات عن الشكوى عبر البريد والبريد الالكتروني وعبر منصات التواصل الاجتماعي ينشدون تدخل السيد رئيس مجلس إدارة البنك والسادة مسئولي البنك المركزي وجهات أخرى منها الرقابة الإدارية والرقابة المالية وسيادة النائب العام ورئاسة مجلس الوزراء وحتى فخامة السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي حفظه الله، ولكن هذه الجهات كان الله في عونها لديها ما يكفيها من مشاغل وهموم وطن بأكمله تنوء بحملها الجبال، ويبقى الأمل في أن تسفر شكاوانا على السوشيال ميديا عن استيقاظ ضمائر أصحاب القرار من داخل البنك نفسه قبل تدخل أي طرف آخر من خارجه، إذا كان في البنك من يحرص على سمعته ومصداقيته ووفائه بالتزاماته وتعهداته لموظفيه السابقين. إننا على يقين من أن هذا البنك الذي نحبه وننتمي إليه بريء من ممارسات التمييز والحض على الكراهية التي يرتكبها بعض القائمين عليه وكأن ثأراً قديما بينهم وبين قدامى العاملين فيه، ويؤسفنا أن يصل بهم الحال لأن يرضوا بأن يلقى بزميل أو زميلة لهم من كبار السن بالساعات في غرفة الطوارئ بالمستشفى في انتظار الموافقة على علاجهم، والمصيبة أن تلك الموافقة تحتاج إلى تبادل رسائل على البريد الالكتروني واتصالات تليفونية وتواصل على الواتس آب برقم في دولة خليجية، وهي اتصالات يصعب على كثيرين منهم تنفيذها في ظل هذه الظروف، وبعد كل هذه التعقيدات التي يواجهها المريض كبير السن وأهله معه، قد توافق الشركة على علاجه وقد ترفض، ولكن المؤكد في جميع الأحوال أن هذا المريض يكون قد تعرض لخطر كبير وربما تتدهور حالته الصحية إذا كانت تحتاج الى تدخل سريع. مطالبنا أولاً : إلغاء ممارسات التمييز العنصري وتحقيق المساواة الكاملة بين العاملين في خدمات الرعاية الطبية عبر شبكة خدمة واحدة كما كان الحال قبل مايو 2021. ثانياً : إلتزام البنك بتعهداته بصرف مستحقات العاملين في صندوق الزمالة. ثالثاً : محاسبة المسئولين عن مخالفة مباديء وقيم ولوائح البنك والشركة الأم لضمان عدم تكرار مثل هذه الممارسات التي تهدد حسن العلاقة بين البنك وأبنائه الذين أخلصوا له وتهدد سمعة البنك بين عملائه وقرنائه في السوق المصرفي. ونختم شكوانا برجاء وسؤال للمسئولين عن افتعال هذه الأزمات : أما الرجاء فأن يتعلموا من البنوك الكبرى كيف يكون الوفاء والتكريم لقدامى العاملين. وأما السؤال ألم يخطر ببال أحدكم أن ممارساتكم هذه قد تضر سمعة البنك ومصالحه؟